المفعول ، والمراد به الاستدلال على البعث ، لأن الإله الذي خلق السموات الأرض على كبرها ، قادر على إعادة الأجسام بعد فنائها ، وقيل : المراد توبيخ الكفار المتكبرين ، كأنه قال : خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ، فما بال هؤلاء يتكبرون على خالقهم ، وهم من أصغر مخلوقاته وأحقرهم ، والأول أرجح لوروده في مواضع من القرآن لأنه قال بعده : إن الساعة لآتية لا ريب فيها فقدم الدليل ، ثم ذكر المدلول.
(وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) الدعاء هنا هو الطلب والرغبة ، وهذا وعد مقيّد بالمشيئة ، وهي موافقة القدر لمن أراد أن يستجيب له ، وقيل : ادعوني هنا : اعبدوني بدليل قوله بعده : إن الذين يستكبرون عن عبادتي وقوله صلىاللهعليهوسلم : الدعاء هو العبادة (١) ثم تلا الآية (أَسْتَجِبْ لَكُمْ) على هذا القول بمعنى أغفر لكم أو أعطيكم أجوركم. والأول أظهر ، ويكون قوله : (يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي) بمعنى يستكبرون عن الرغبة إليّ كما قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من لم يسأل الله يغضب عليه (٢) وأما قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الدعاء هو العبادة فمعناه أن الدعاء والرغبة إلى الله هي العبادة ، لأن الدعاء يظهر فيه افتقار العبد وتضرعه إلى الله (داخِرِينَ) أي صاغرين (لِتَسْكُنُوا فِيهِ) ذكر في [يونس : ٦٧] (وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) يعني المستلذات ، لأنه إذا جاء ذكر الطيبات في معرض الإنعام فيراد به المستلذات ، وإذا جاء في معرض التحليل والتحريم فيراد به الحلال والحرام (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) هذا متصل بما قبله ، قال ذلك ابن عطية والزمخشري وتقديره : ادعوه مخلصين قائلين (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ولذلك قال ابن عباس : من قال لا إله إلا الله فليقل الحمد لله رب العالمين ، ويحتمل أن يكون الحمد لله استئنافا (ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً)
__________________
(١). حديث رواه أحمد عن النعمان بن بشير ج ٤ ص ٢٧١.
(٢). لم أعثر عليه ومعناه صحيح والله أعلم.