(فَإِنْ أَعْرَضُوا) الضمير لقريش (صاعِقَةً) يعني واقعة واحدة شديدة ، وهي مستعارة من صاعقة النار ، وقرئ صعقة بإسكان العين وهي الواقعة من قولك صعق الرجل (إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ) معنى ما بين الأيدي المتقدم ، ومعنى ما خلف المتأخر ، فمعنى الآية : أن الرسل جاءوهم في الزمان المتقدم ، واتصلت نذارتهم إلى زمان عاد وثمود ، حتى قامت عليهم الحجة بذلك من بين أيديهم ، ثم جاءتهم رسل آخرون عند اكتمال أعمارهم ، فذلك من خلفهم ، قاله ابن عطية وقال الزمخشري : معناه أتوهم من كل جانب ، فهو عبارة عن اجتهادهم في التبليغ إليهم ، وقيل : أخبروهم بما أصاب من قبلهم ، فذلك ما بين أيديهم ، وأنذروهم ما يجري عليهم في الزمان المستقبل وفي الآخرة فذلك من خلفهم (أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) أن حرف عبارة وتفسير أو مصدرية على تقدير بأن لا تعبدوا إلا الله (فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) ليس فيه اعتراف الكفار بالرسالة ، وإنما معناه بما أرسلتم على قولكم ودعواكم ، وفيه تهكم (رِيحاً صَرْصَراً) قيل : إنه من الصرّ وهو شدة البرد فمعناه باردة وقيل : إنه من قولك : صرصر إذا صوت فمعناه لها صوت هائل في أيام نحسات معناه من النحس وهو ضد السعد وقيل شديدة البرد وقيل : متتابعة والأول أرجح ، وروي أنها كانت آخر شوال من الأربعاء إلى الأربعاء وقرئ (١) نحسات بإسكان الحاء وكسرها فأما الكسر فهو جمع نحس وهو صفة وأما الإسكان فتخفيف من الكسر على وزن فعل أو وصف بالمصدر.
(وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) أي بينا لهم فهو بمعنى البيان ، لا بمعنى الإرشاد (فَهُمْ يُوزَعُونَ) (٢) أي يدفعون بعنف (وَجُلُودُهُمْ) يعني الجلود المعروفة ، وقيل : هو كناية عن الفروج والأول أظهر (وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ) الآيات يحتمل أن تكون من كلام الجلود ، أو
__________________
(١). قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو : نحسات بسكون الحاء وقرأ الباقون : نحسات بكسرها.
(٢). في الآية [١٩] قرأ نافع : ويوم نحشر أعداء الله وقرأ الباقون : يحشر أعداء.