أصحاب الجنة كما تقول : رأيت فلانا في الناس ، أي مع الناس.
(وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما) هي على الإطلاق فيمن كان على هذه الصفة من الكفر والعقوق لوالديه ، ويدل على أنها عامة قوله تعالى (أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) بصيغة الجمع ، ولو أراد واحدا بعينه لقال ذلك الذي حق عليه القول ، وقد ذكرنا معنى أف في الإسراء [٢٣] (أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ) أي أتعدانني أنا أن أخرج من القبر إلى البعث (وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي) أي وقد مضت قرون من الناس ولم يبعث منهم أحد (وَهُما يَسْتَغِيثانِ اللهَ) الضمير لوالديه أي يستغيثان بالله من كراهتهما لما يقول منهما ثم يقولان له : ويلك ثم يأمرانه بالإيمان : فيقول : ما هذا إلا أساطير الأولين : أي قد سطره الأولون في كتبهم ، وذلك تكذيب بالبعث والشريعة.
(وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا) (١) أي للمحسنين والمسيئين درجات في الآخرة بسبب أعمالهم ، فدرجات أهل الجنة إلى علو ، ودرجات أهل النار إلى سفل ، وليوفيهم تعليل بفعل محذوف وبه يتعلق تقديره : جعل جزاءهم درجات ليوفيهم أعمالهم (وَيَوْمَ يُعْرَضُ) العامل فيه محذوف تقديره اذكر (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ) تقديره يقال لهم : أذهبتم طيباتكم ؛ والطيبات هنا الملاذ من المآكل وغيرها ؛ وقرأ أكثر القراء أذهبتم بهمزة واحدة على الخبر ، وابن عامر بهمزتين على التوبيخ ، والآية في الكفار بدليل قوله : يعرض الذين كفروا وهي مع ذلك واعظة لأهل التقوى من المؤمنين ، ولذلك قال عمر لجابر بن عبد الله وقد رآه اشترى لحما أما تخشى أن تكون من أهل هذه الآية (عَذابَ الْهُونِ) أي العذاب الذي يقترن به هوان.
(وَاذْكُرْ أَخا عادٍ) يعني هودا عليهالسلام (بِالْأَحْقافِ) جمع حقف وهو الكدس من الرمل ، واختلف أين كانت فقيل بالشام ، وقيل : بين عمان ومهرة وقيل : بين عمان وحضرموت ، والصحيح أن بلاد عاد كانت باليمن (وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ) أي تقدمت من قبله ومن بعده ، والنذر جمع نذير ، فإن قيل : كيف يتصور تقدمها من بعده؟ فالجواب أن هذه الجملة اعتراض ، وهي إخبار من الله تعالى أنه قد بعث رسلا متقدمين قبل هود وبعده ،
__________________
(١). قوله : وليوفيهم أعمالهم : قرأها ابن كثير وأبو عمرو وعاصم. وقرأها الباقون : لنوفيهم بالنون.