لما يقول الكفار وهذا ضعيف والأول حسن ، لأن زيادة لا كثيرة معروفة في كلام العرب ، ومواقع النجوم فيه قولان : أحدهما قال ابن عباس : إنها نجوم القرآن إذ نزل على النبي صلىاللهعليهوسلم مقطعا بطول عشرين سنة فكل قطعة منه نجم والآخر قول كثير من المفسرين : أن النجوم الكواكب ومواقعها مغاربها ومساقطها ، وقيل : مواضعها من السماء وقيل : انكدارها يوم القيامة. (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) هذه جملة اعتراض بين القسم وجوابه ، وقوله : لو تعلمون اعتراض بين الموصوف وصفته فهو اعتراض في اعتراض ، والمقصود بذلك تعظيم المقسم به وهو مواقع النجوم وجواب القسم : إنه لقرآن كريم وأعاد الضمير على القرآن لأن المعنى يقتضيه ، أو لأنه مذكور على قول من قال إن مواقع النجوم نزول القرآن (فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ) أي مصون ، والمراد بهذا الكتاب المكنون المصاحف التي كتب فيها القرآن ، أو صحف القرآن التي بأيدي الملائكة عليهمالسلام.
(لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) الضمير يعود على الكتاب المكنون ، ويحتمل أن يعود على القرآن المذكور قبله إلا أن هذا ضعيف لوجهين أحدهما : أن مسّ الكتاب حقيقة ومس القرآن مجاز ، والحقيقة أولى من المجاز والآخر أن الكتاب أقرب والضمير يعود على أقرب مذكور فإذا قلنا : إنه يعود على الكتاب المكنون فإن قلنا إن الكتاب المكنون هو الصحف التي بأيدي الملائكة ، فالمطهرون يراد بهم الملائكة ، لأنهم مطهرون من الذنوب والعيوب والآية إخبار بأنه لا يمسه إلا هم دون غيرهم ، وإن قلنا إن الكتاب المكنون هو الصحف التي بأيدي الناس ، فيحتمل أن يريد بالمطهرين المسلمين ، لأنهم مطهرون من الكفر أو يريد المطهرين من الحدث الأكبر ، وهي الجنابة أو الحيض ، فالطهارة على هذا الاغتسال أو المطهرين من الحدث الأصغر ، فالطهارة على هذا الوضوء ويحتمل أن يكون قوله : لا يمسه خبرا أو نهيا. على أنه قد أنكر بعض الناس أن يكون نهيا وقال لو كان نهيا لكان بفتح السين. وقال المحققون : إن النهي يصح مع ضم السين لأن الفعل المضاعف إذا كان مجزوما أو اتصل به ضمير المفرد المذكر ضمّ عند التقاء الساكنين اتباعا لحركة الضمير ، وإذا جعلناه خبرا فيحتمل أن يقصد به مجرد الإخبار ، أو يكون خبرا بمعنى النهي. وإذا كان لمجرّد الإخبار فالمعنى أنه : لا ينبغي أن يمسه إلا المطهرون. أي هذا حقه وإن وقع خلاف ذلك واختلف الفقهاء فيمن يجوز له مس المصحف على حسب الاحتمالات في الآية ، فأجمعوا على أنه لا يجوز أن يمسه كافر ؛ لأنه إن أراد بالمطهرين المسلمين ، فذلك طاهر ؛ وإن أراد الطهارة من الحدث فالإسلام حاصل مع ذلك. وأما الحدث ففيه ثلاثة أقوال : الأول أنه لا يجوز أن يمسه الجنب ولا الحائض ولا المحدث حدثا أصغر وهو قول مالك وأصحابه ، ومنعوا أيضا أن يحمله بعلاقة أو وسادة. وحجتهم الآية على أن يراد بالمطهرين الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر. وقد احتج مالك في الموطأ بالآية على المسألة. ومن