اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) أي مقدارا معلوما ووقتا محدودا.
(وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ) روي أنه لما نزل قوله : والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء قالوا يا رسول الله فما عدة من لا قرء لها من صغر أو كبر؟ فنزلت هذه الآية معلمة أن المطلقة إذا كانت ممن لا تحيض فعدتها ثلاثة أشهر فقوله : (اللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ) : يعني التي انقطعت حيضتها لكبر سنها وقوله (وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) يعني الصغيرة التي لم تبلغ المحيض وهو معطوف على اللائي يئسن أو مبتدأ وخبره محذوف تقديره واللائي لم يحضن كذلك وقوله (إِنِ ارْتَبْتُمْ) هو من الريب بمعنى الشك وفي معناه قولان : أحدهما إن ارتبتم في حكم عدتها فاعلموا أنها ثلاثة أشهر. والآخر : إن ارتبتم في حيضها هل انقطع أو لم ينقطع فهي على التأويل الأول في التي انقطعت حيضتها لكبر سنها حسبما ذكرنا وهو الصحيح وهي على التأويل الثاني في المرتابة وهي التي غابت عنها الحيضة وهي في سن من تحيض. وقد اختلف العلماء في عدتها على ثلاثة أقوال : أحدها أنها ثلاثة أشهر خاصة حسبما تقتضيه الآية على هذا التأويل ، والآخر أنها ثلاثة أشهر بعد تسعة أشهر تستبرئ بها أمد الحمل وهذا مذهب مالك : وقدوته في ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه والثالث أنها تعتد بالأقراء ولو بقيت ثلاثين سنة حتى تبلغ سن من لا تحيض وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة.
(وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) هذه الآية عند مالك والشافعي وأبي حنيفة وسائر العلماء عامة في المطلقات والمتوفى عنهن ، فمتى كانت إحداهن حاملا فعدتها وضع حملها. وقال علي بن أبي طالب وابن عباس إنما هذه الآية في المطلقات الحوامل فهن اللاتي عدتهن وضع حملهن. وأما المتوفى عنها إذا كانت حاملا فعدتها عندهما أبعد الأجلين ؛ إما الوضع أو انقضاء الأربعة الأشهر وعشرا ، فحجة الجمهور حديث سبيعة الأسلمية أنها كانت زوجا لسعد بن خولة فتوفى عنها في حجة الوداع وهي حبلى ، فلما وضعت خطبها أبو السنابل بن بعكك ، فسألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال لها انكحي من شئت ، وقد ذكر أن ابن عباس رجع إلى هذا الحديث لما بلغه ولو بلغ عليا رضي الله عنه لرجع إليه ، وقال عبد الله بن مسعود : إن هذه الآية التي نزلت في سورة النساء القصوى يعني سورة الطلاق نزلت بعد الآية التي في البقرة (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) [البقرة : ٢٣٤] فهي مخصصة لها حسبما قاله جمهور العلماء (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ) أمر الله بإسكان المطلقة طول العدة ، فأما المطلقة غير المبتوتة فيجب لها على زوجها السكنى والنفقة باتفاق ، وأما المبتوتة ففيها ثلاثة أقوال :