(واهِيَةٌ) أي مسترخية ساقطة القوة ، ومنه قولهم : دار واهية أي ضعيفة الجدران (وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها) الملك هنا اسم جنس والأرجاء الجوانب واحدها رجى مقصور ، والضمير يعود على السماء ، والمعنى إن الملائكة يكونون يوم القيامة على جوانب السماء ، لأنها إذا وهيت وقفوا على أطرافها ، وقيل : يعود على الأرض لأن المعنى يقتضيه ، وإن لم يتقدم ذكرها ، وروي في ذلك أن الله يأمر الملائكة فتقف صفوفا على جوانب الأرض. والأول أظهر وأشهر (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) قال ابن عباس : هي ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم أحد عدّتهم. وقيل : ثمانية أملاك رؤوسهم تحت العرش وأرجلهم تحت الأرض السابعة ، ويؤيد هذا ما روي (١) عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : هو اليوم أربعة ، فإذا كان يوم القيامة قوّاهم الله بأربعة سواهم.
(يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ) خطاب لجميع العالم ، والعرض : البعث أو الحساب (خافِيَةٌ) أي حال خافية من الأعمال والسرائر ، ويحتمل المعنى لا يخفى من أجسادهم لأنهم يحشرون حفاة عراة (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) الكتاب هنا صحائف الأعمال (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) هاؤم اسم فعل ، قال ابن عطية : معناه تعالوا وقال الزمخشري : هو صوت يفهم منه معنى خذ ، وكتابيه مفعول يطلبه هاؤم واقرءوا من ضمير المعنى تقديره هاؤم كتاب اقرؤا كتابي ثم حذف لدلالة الآخر عليه وعمل فيه العامل ، الثاني : وهو اقرءوا عند البصريين ، والعامل الأول هو هاؤم عند الكوفيين ، والدليل على صحة قول البصريين أنه لو عمل الأول لقال اقرءوه ، والهاء في كتابيه للوقف ، وكذلك في حسابيه وماليه وسلطانيه ، وكان الأصل أن تسقط في الوصل لكنها ثبتت فيه مراعاة لخط المصحف وقد أسقطها في الوصل [حمزة] ، ومعنى الآية : أن العبد الذي يعطى كتابه بيمينه يقول للناس : اقرءوا كتابيه على وجه الاستبشار والسرور بكتابه (إِنِّي ظَنَنْتُ) الظن هنا بمعنى اليقين (راضِيَةٍ) أي ذات رضا كقولهم : تامر لصاحب التمر. قال ابن عطية : ليست بياء اسم فاعل ، وقال الزمخشري : يجوز أن يكون اسم فاعل نسب الفعل إليها مجازا وهو لصاحبها حقيقة (قُطُوفُها) جمع قطف وهو ما يجتنى من الثمار ويقطف كالعنقود (دانِيَةٌ) أي قريبة ، وروي أن العبد يأخذها بفمه من شجرها ، على أي حال كان من قيام أو جلوس أو اضطجاع (أَسْلَفْتُمْ) أي قدمتم من الأعمال الصالحة (فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ) أي الماضية يعني أيام الدنيا.
__________________
(١). هذا الحديث رواه الإمام الطبري في تفسيره لهذه الآية بسنده إلى ابن إسحاق فقط.