الحديث أن بينهما أربعين عاما ، وقيل : الراجفة : الموت والرادفة : القيامة ، وقيل : الراجفة الأرض ، من قوله (تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ) [المزمل : ١٤] والرادفة السماء لأنها تنشق يومئذ. والعامل في يوم ترجف محذوف وهو الجواب المقدر تقديره : لتبعثن يوم ترجف الراجفة وإن جعلنا يوم ترجف الجواب فالعامل في يوم معنى قوله (قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ) وقوله :
(تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) في موضع الحال ، ويحتمل أن يكون العامل فيه تتبعها (قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ) أي شديدة الاضطراب ، والوجيف والوجيب بمعنى واحد ، وارتفع قلوب بالابتداء وواجفة خبره ، وقال الزمخشري : واجفة صفة ، والخبر أبصارها خاشعة (أَبْصارُها خاشِعَةٌ) كناية عن الذل والخوف ، وإضافة الأبصار إلى القلوب على تجوز والتقدير : قلوب أصحابها. (يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً) هذا حكاية قول الكفار في الدنيا ، ومعناه على الجملة إنكار البعث ، فالهمزة في قوله «أإنا لمردودون» للإنكار. ولذلك اتفق العلماء على قراءته بالهمزتين ، إلا أن منهم من سهّل الثانية ومنهم من خففها. واختلفوا في إذا كنا عظاما نخرة فمنهم من قرأه بهمزة واحدة لأنه ليس بموضع استفهام ولا إنكار ، ومنهم من قرأه بهمزتين تأكيدا للإنكار المتقدم ، ثم اختلفوا في معنى الحافرة على ثلاثة أقوال : أحدها أنها الحالة الأولى. يقال : رجع فلان في حافرته إذا رجع إلى حالته الأولى. فالمعنى أإنا لمردودون إلى الحياة بعد الموت والآخر أن الحافرة الأرض بمعنى محفورة فالمعنى أإنا لمردودون إلى وجه الأرض بعد الدفن في القبور والثالث أن الحافرة النار والعظام النخرة البالية المتعفنة وقرأ [حمزة والكسائي وأبو بكر] ناخرة بألف [والباقون] بحذف الألف وهما بمعنى واحد ؛ إلا أن حذف الألف أبلغ لأن فعل أبلغ من فاعل وقيل : معناه العظام المجوفة التي تمر بها الريح فيسمع لها نخير ، والعامل في إذا كنا محذوف تقديره إذا كنا عظاما نبعث ، ويحتمل أن يكون العامل فيه مردودون في الحافرة ولكن إنما يجوز ذلك على قراءة إذا كنا بهمزة واحدة على الخبر ، ولا يجوز على قراءته بهمزتين. لأن همزة الاستفهام لا يعمل ما قبلها فيما بعدها (قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ) الكرة الرجعة والخاسرة منسوبة إلى الخسران كقوله : عيشة راضية ، أي ذات رضى أو معناه خاسر أصحابها ومعنى هذا الكلام أنهم قالوا : إن كان البعث حقا فكرّتنا خاسرة ، لأنا ندخل النار.
(فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ) يعني النفخة في الصور للقيام من القبور. وهذا من كلام الله تعالى ردّا على الذين أنكروا البعث كأنه يقول : لا تظنوا أنه صعب على الله [بل] هو عليه يسير ، فإنما ينفخ نفخة واحدة في الصور فيقوم الناس من قبورهم (فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) إذا هنا فجائية والساهرة وجه الأرض ، والباء ظرفية والمعنى : إذا نفخ في الصور حصلوا بالأرض أسرع شيء.