(هَلْ أَتاكَ) توقيف [سؤال] وتنبيه وليس المراد به مجرد الاستفهام (طُوىً) ذكر في طه : ١٢ (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ) تفسير للنداء (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) (١) أن تتطهر من الكفر والذنوب والعيوب والرذائل ، وقال بعضهم : تزكى تسلم وقيل : تقول لا إله إلا الله والأول أعم (الْآيَةَ الْكُبْرى) قلب العصا حية ، وإخراج اليد بيضاء ، وجعلهما واحدة لأن الثانية تتبع الأولى ، ويحتمل أن يريد الأولى وحدها (ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى) الإدبار كناية عن الإعراض عن الإيمان ، ويسعى عبارة عن جده في الكفر ، وفي إبطال أمر موسى عليهالسلام وقيل : هو حقيقة. أي قام من مجلسه يفر من مجالسة موسى أو يهرب من العصا لما صارت ثعبانا (فَحَشَرَ) أي جمع جنوده وأهل مملكته (فَنادى) أي نادى قومه وقال لهم ما قال ، ويحتمل أنه ناداهم بنفسه ، أو أمر من يناديهم ، والأول أظهر. وروى أنه قام فيهم خطيبا فقال ما قال (فَأَخَذَهُ اللهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى) النكال مصدر بمعنى التنكيل ، والعامل فيه أخذه الله ؛ لأنه بمعناه وقيل : العامل محذوف ، والآخرة هي : دار الآخرة والأولى : الدنيا فالمعنى نكال الآخرة بالنار ونكال الأولى بالغرق. وقيل : الآخرة قوله : أنا ربكم الأعلى والأولى قوله : (ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي) [القصص : ٣٨] وقيل : بالعكس فالمعنى أخذه الله وعاقبه على كلمة الآخرة وكلمة الأولى.
(أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ) هذا توقيف [سؤال] قصد به الاستدلال على البعث فإن الذي خلق السماء قادر على خلق الأجساد بعد فنائها (رَفَعَ سَمْكَها) السمك : غلظ السماء وهو الارتفاع الذي بين سطح السماء الأسفل الذي يلينا وسطحها الأعلى الذي يلي ما فوقها. ومعنى رفعه أنه جعله مسيرة خمسمائة عام وقيل : السّمك السقف (فَسَوَّاها) أي أتقن خلقتها وقيل : جعلها مستوية ليس فيها مرتفع ولا منخفض (وَأَغْطَشَ لَيْلَها) أي جعله مظلما يقال : غطش الليل إذا أظلم. وأغطشه الله (وَأَخْرَجَ ضُحاها) أي أظهر ضوء الشمس في وقت الضحى ، وأضاف الضحى والليل إلى السماء من حيث أنهما ظاهران منها وفيها (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) أي بسطها واستدل بها من قال : إن الأرض بسيطة غير كروية وقد ذكرنا في فصلت [١١] الجمع بين هذا وبين قوله ثم استوى إلى السماء (أَخْرَجَ مِنْها ماءَها) ومرعاها نسب الماء والمرعى إلى الأرض ، لأنهما يخرجان منها فإن قيل : لم قال
__________________
(١). تزكّى : قرأ نافع وابن كثير : تزّكّى بالتشديد وقرأ الباقون : تزكّى.