(وَإِنْ جادَلُوكَ) الآية : تقتضي موادعة منسوخة بالقتال (إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ) يعني اللوح المحفوظ ، والإشارة بذلك إلى معلومات الله (إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) يحتمل أن تكون الإشارة بذلك إلى كتب المعلومات في الكتاب ، أو إلى الحكم في الاختلاف والأول أظهر (ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً) يعني الأصنام ؛ والسلطان هنا : الحجة والبرهان ، وما ليس لهم به علم : قيل : إنه يعني ما ليس لهم به علم ضروري ، فنفى أولا البرهان النظري ، ثم العلم الضروري ، وليس اللفظ بظاهر في هذا المعنى ، بل الأحسن نفي العلم الضروري والنظري معا (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ) أي الإنكار لما يسمعون فالمنكر مصدر : كالمكرم بمعنى الإكرام ويعرف ذلك في وجوههم بعبوسها وإعراضها (يَسْطُونَ) من السطوة وهي سرعة البطش (النَّارُ وَعَدَهَا اللهُ) يحتمل أن تكون النار مبتدأ ، ووعدها الله خبرا أو يكون النار خبر ابتداء مضمر كأنّ قائلا قال : ما هو ، فقيل : هو النار ، ويكون وعدها الله استئنافا وهذا أظهر (ضُرِبَ مَثَلٌ) أي ضربه الله لإقامة الحجة على المشركين (لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً) تنبيه بالأصغر على الأكبر من باب أولى وأحرى ، والمعنى : أن الأصنام التي تعبدونها لا تقدر على خلق الذباب ولا غيره ، فكيف تعبد من دون الله الذي خلق كل شيء ، ثم أوضح عجزهم بقوله (وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) أي لو تعاونوا على خلق الذباب لم يقدروا عليه (وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ) بيان أيضا لعجز الأصنام بحيث لو اختطف الذباب منهم شيئا لم يقدروا على استنقاذه منه على حال ضعفه ، وقد قيل : إن المراد بما يسلب الذباب منهم الطيب الذي كانت تجعله العرب على الأصنام واللفظ أعم من ذلك (ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) المراد بالطالب الأصنام وبالمطلوب الذباب ، لأن الأصنام تطلب من الذباب ما سلبته منها. وقيل : الطالب الكفار والمطلوب الأصنام. لأن الكفار يطلبون الخير منهم.
(ما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) أي ما عظموه حق تعظيمه (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) ردّ على من أنكر أن يكون الرسول من البشر (ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) في