جديد» و «شاة سديس». وإن شئت قلت : تفسير «الرحمة» ها هنا : المطر ، ونحوه. فلذلك ذكر. كما قال (وإن كان طائفة منكم آمنوا) فذكر لأنه أراد «الناس». وإن شئت جعلته كبعض ما يذكرون من المؤنث كقول الشاعر : [المتقارب]
فلا مزنة ودقت ودقها |
|
ولا أرض أبقل إبقالها (١) |
وقال (وهو الّذى يرسل الرّياح نشرا بين يدى رحمته) [الآية ٥٧] لأنّها جماعة «النشور» وتقول : «ريح نشور» و «رياح نشر». وقال بعضهم «نشرا» من «نشرها» «نشرا».
وقال في أول هذه السورة (كتب أنزل إليك) [الآية ٢] (لتنذر به) [الآية ٢] (فلا يكن فى صدرك حرج مّنه) [الآية ٢] هكذا تأويلها على التقديم والتأخير.
وفي كتاب الله مثل ذلك كثير قال (اذهب بّكتبى هذا فألقه إليهم ثمّ تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون) (٢٨) [النمل : ٢٨] والمعنى ـ والله أعلم ـ (فانظر ماذا يرجعون) [النّمل : الآية ٢٨] (ثمّ تولّ عنهم) [النّمل : الآية ٢٨] وفي كتاب الله (ومآ أرسلنا من قبلك إلّا رجالا نّوحى إليهم فسئلوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون (٤٣) بالبيّنت والزّبر) [النّحل : الآية ٤٣ ، ٤٤] والمعنى ـ والله أعلم ـ (ومآ أرسلنا من قبلك إلّا رجالا نّوحى إليهم) [يوسف : الآية ١٠٩] (بالبيّنت والزّبر) [آل عمران : الآية ١٨٤] (فسئلوا أهل الذّكر) [النّحل : الآية ٤٣] (إن كنتم لا تعلمون) [النّحل : الآية ٤٣].
وفي «حم المؤمن» (فلمّا جاءتهم رسلهم بالبيّنت فرحوا بما عندهم مّن العلم) [غافر : الآية ٨٣] والمعنى ـ والله أعلم ـ (فلمّا جآءتهم رسلهم بالبيّنت) [غافر : الآية ٨٣] (من العلم) [البقرة : الآية ١٢٠] (فرحوا بما عندهم) [غافر : الآية ٨٣]. وقال بعضهم (فرحوا بمآ) هو (عندهم مّن العلم) [غافر : الآية ٨٣] أي : كان عندهم العلم وهو جهل ، ومثل هذا في كلام العرب وفي الشعر كثير في التقديم والتأخير. يكتب الرجل : «أمّا بعد حفظك الله وعافاك فإنّي كتبت إليك» فقوله «فإنّي» محمول على : «أمّا بعد» وإنما هو «أمّا بعد فإنّي» وبينهما كما ترى كلام. قال الشاعر : [الكامل]
٢٠٨ ـ خير من القوم العصاة أميرهم |
|
يا قوم فاستحيوا النساء الجلّس (٢) |
والمعنى : خير من القوم العصاة أميرهم النّساء الجلّس يا قوم فاستحيوا.
__________________
(١) تقدم البيت مع تخريجه برقم ٣١.
(٢) البيت لم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.