ومن سورة الأنبياء
قال (وأسرّوا النّجوى) [الآية ٣] كأنه قال (وأسرّوا) ثم فسره بعد فقال : «هم (الّذين ظلموا) [الآية ٣]» أو جاء هذا على لغة الذين يقولون «ضربوني قومك».
وقال (فسئلوهم إن كانوا ينطقون) [الآية ٦٣] فذكّر الأصنام وهي من الموات لأنها كانت عندهم ممن يعقل أو ينطق.
وقال (ومن الشّيطين من يغوصون له) [الآية ٨٢] فذكر الشياطين وليسوا من الإنس إلّا أنّهم مثلهم في الطاعة والمعصية. ألا ترى أنك تقول «الشياطين يعصون» ولا تقول : «يعصين» وإنما جمع (يغوصون) [الآية ٨٢] و (من) في اللفظ واحد لأن (من) في المعنى لجماعة. قال الشاعر : [الكامل]
٢٤٨ ـ لسنا كمن جعلت إياد دارها |
|
تكريت تنظر حبّها أن يحصدا (١) |
وقال : [المتقارب]
٢٤٩ ـ أطوف بها لا أرى غيرها |
|
كما طاف بالبيعة الرّاهب (٢) |
فجعل «الراهب» بدلا من «ما» كأنه قال «كالذي طاف» وتقول العرب : «إنّ الحقّ من صدّق الله» أي : «الحقّ حقّ من صدّق الله».
وقال (خلق الإنسن من عجل سأوريكمءايتى فلا تستعجلون) [الآية ٣٧] يقول : «من تعجيل من الأمر ، لأنّه قال : (إنّما قولنا لشىء إذا أردنه أن نّقول له كن فيكون) [النحل : ٤٠] فهذا العجل كقوله (فلا تستعجلوه) [النّحل : الآية ١] وقوله (فلا تستعجلون) [الأنبياء : الآية ٣٧] فإنّني (سأريكم آياتي).
وقال (إنّ السّموت والأرض كانتا رتقا) [الآية ٣٠] قال (كانتا) لأنه جعلهما
__________________
(١) البيت للأعشى في ديوانه ص ٢٨١ ، ولسان العرب (منن) ، وبلا نسبة في الخصائص ٢ / ٤٠٢ ، و٤٠٣ ، ٣ / ٢٥٦ ، ومغني اللبيب ٢ / ٥٤١ ، ولسان العرب (كرت).
(٢) البيت بلا نسبة في الأزهية ص ٨٤ ، وتذكرة النحاة ص ٣٤٦.