إحدى الكافين زائدة.
وقوله (بدّلنهم جلودا غيرها) [النّساء : الآية ٥٦] يعني غيرها في النضج ، لأنّ الله عزوجل يجددها فيكون أشد للعذاب عليهم. وهي تلك الجلود بعينها التي عصت الله تعالى ولكن أذهب عنها النضح ، كما يقول الرجل للرجل : «أنت اليوم غيرك أمس» وهو ذلك بعينه إلا أنه نقص منه شيء أو زاد فيه.
وفي كتاب الله عزوجل (ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنّهم لكذبون) [الأنعام : الآية ٢٨] فيسأل السائل فيقول كيف كانوا كاذبين ولم يعودوا بعد. وإنما يكونون كاذبين إذا عادوا. وقد قلتم إنه لا يقال له كافر قبل أن يكفر إذا علم أنه كافر. وهذا يجوز أن يكون أنّهم الكاذبون بعد اليوم كما يقول الرجل : «أنا قائم» وهو قاعد يريد «إني سأقوم» أو يقول (إنّهم لكذبون) [التّوبة : الآية ١٠٧] يعني ما وافوا به القيامة من كذبهم وكفرهم لأن الذين دخلوا النار كانوا كاذبين كافرين.
وقوله (وجوه يومئذ نّاضرة (٢٢) إلى ربّها ناظرة) (٢٣) [القيامة : ٢٢ ـ ٢٣] يقول «تنظر في رزقها وما يأتيها من الله» كما يقول الرجل : «ما أنظر إلّا إليك» ولو كان نظر البصر كما يقول بعض الناس كان في الآية التي بعدها بيان ذلك. ألا ترى أنه قال (ووجوه يومئذ باسرة (٢٤) تظنّ أن يفعل بها فاقرة) (٢٥) [القيامة : ٢٤ ـ ٢٥] ولم يقل : «ووجوه لا تنظر ولا ترى» وقوله (تظنّ أن يفعل بها فاقرة) (٢٥) [القيامة : الآية ٢٥] يدلّ «الظن» ها هنا على أن النظر ثم الثقة بالله وحسن اليقين ولا يدل على ما قالوا. وكيف يكون ذلك والله يقول (لّا تدركه الأبصر وهو يدرك الأبصر) [الأنعام : الآية ١٠٣] وقوله (وما تشآءون إلّا أن يشاء الله) [الإنسان : الآية ٣٠] يعني ما تشاؤون من الخير شيئا إلّا أن يشاء الله أن تشاؤوه.
وقوله (إذا أخرج يده لم يكد يراها) [النّور : الآية ٤٠] حمل على المعنى وذلك أنه لا يراها وذلك أنك إذا قلت : «كاد يفعل» إنما تعني قارب الفعل ولم يفعل. فإذا قلت «لم يكد يفعل» كان المعنى أنه لم يقارب الفعل ولم يفعل على صحة الكلام وهكذا معنى هذه الآية. إلّا أن اللّغة قد أجازت : «لم يكد يفعل» في معنى : فعل بعد شدة ، وليس هذا صحة الكلام لأنه إذا قال : «كاد يفعل» فإنما
__________________
ـ العروس (ثفا) ، (غرا) ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ١٠٣٦ ، وكتاب العين ٨ / ٢٤٥ ، ومقاييس اللغة ١ / ٥٨ ، والمخصص ٨ / ٧٦ ، ١٤ / ٤٩ ، ٦٤ ، ١٦ / ١٠٨ ، وديوان الأدب ٢ / ٣٣٥ ، ولسان العرب (أثف).