مفروغا منها عند الأئمة «ع» وأصحابهم ، وإنّما توقّفوا عن العمل من جهة المعارضة. فسألوا عن حكمها ، ومن الواضح انّه ليس مورد الأخبار العلاجية الخبرين المقطوع صدورهما ، لأنّ المرجّحات المذكورة فيها لا تناسب العلم بصدورهما ، وانّ الظاهر من مثل قوله : «يأتي عنكم خبران متعارضان» كون السؤال عن مشكوكي الصدور ، مضافا الى أنّ وقوع المعارضة بين مقطوعي الصدور بعيد في نفسه.
الطائفة الثانية : الأخبار الآمرة بالرجوع الى أشخاص معيّنين من الرواة ، كقوله «ع» : «إذا أردت الحديث فعليك بهذا الجالس» مشيرا الى زرارة ، وقوله «ع» : «نعم ـ بعد ما قال الراوي ـ أفيونس بن عبد الرحمن ثقة نأخذ معالم ديننا عنه؟» ....
وقوله «ع» : «عليك بالأسدي» يعني أبا بصير.
وقوله «ع» : «عليك بزكريا بن آدم المأمون على الدين والدنيا» الى غير ذلك.
الطائفة الثالثة : الأخبار الآمرة بالرجوع الى الثقات ، كقوله «ع» : «لا عذر لأحد في التشكيك فيما يرويه ثقاتنا» ...
الطائفة الرابعة : الأخبار الآمرة بحفظ الروايات واستماعها وضبطها والاهتمام بشأنها على السنة مختلفة ، وقد ذكرها صاحب الوسائل في الباب (٨) من أبواب كتاب القضاء ، فراجع.
ثمّ انّ الاستدلال بهذه الأخبار متوقّف على ثبوت تواترها لتكون مقطوعة الصدور ، وإلّا فلا يصحّ الاستدلال بها كما هو ظاهر ، ولا ينبغي الشك في انّها متواترة اجمالا ، بمعنى العلم بصدور بعضها عن المعصوم «ع» ...
فتحصل انّ التواتر الاجمالي في هذه الطوائف الأربع من الأخبار غير قابل للانكار ، ومقتضاه الالتزام بحجّيّة الأخص منها المشتمل على جميع الخصوصيات المذكورة في هذه الأخبار ، فيحكم بحجية الخبر الواجد لجميع تلك الخصوصيات باعتبار كونه القدر المتيقّن من هذه الأخبار الدالة على الحجية (١).
__________________
(١) مصباح الأصول لسيد سرور ٢ : ١٩٢ ـ ١٩٣.