صدوق ، عارف بالأخبار والرجال والفقه والأصول والكلام والأدب ، وجميع الفضائل تنسب إليه ، صنّف في كلّ فنون الاسلام ، وهو المهدب للعقائد في الأصول والفروع ، الجامع لكمالات النفس في العلم والعمل (١).
مؤلفات الطوسي :
ولم تزل مؤلفات الطوسي تحتلّ المكانة السامية بين آلاف الأسفار الجليلة التي انتجتها عقول علماء الشيعة الجبارة ، ودبّجتها يراعة أولئك الفطاحل الذين عزّ على الدهر أن يأتي لهم بمثيل ، وقد جمعت معظم العلوم الاسلامية اصلية وفرعية ، وتضمّنت حلّ معضلات المباحث في مختلف العلوم ، وما يحتاج إليه علماء الاسلام على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم ، وحسب الطوسي عظمة انّ كتابيه «التهذيب» و «الاستبصار» من الأصول المسلمة في مدارك الفقه الجعفري ، ومن الكتب «الأربعة» التي عليها المدار ـ على مرّ الأعصار ـ في استنباط أحكام الدين ـ على مذهب أهل البيت «ع» ـ بعد كتاب الله المبين ، ومؤلفات الطوسي هي المنبع الأول والمصدر الوحيد لمعظم مؤلفي القرون الوسطى ، وهمزة الوصل بين قدامى الأصحاب وبين من تأخّر عنه ، ولذلك استقوا منها مادتهم وكونوا كتبهم ، ومن مميّزات كتب الطوسي انّها حوت خلاصة كتب الأصحاب القدامى ، وأصولهم المعروفة ب «الأصول الأربعمائة» ، فقد كان في متناول الطوسي مكتبات عظيمة :
١ ـ مكتبة جندي سابور (٢) في الكرخ التي كانت تحتضن الكتب القديمة الصحيحة التي هي بخطوط مؤلفيها أو بلاغاتهم.
٢ ـ مكتبة السيد المرتضى أستاذ الطوسي ، الذي صحبه ثمان وعشرين سنة ، وكانت هذه المكتبة تشتمل على ثمانين ألف كتاب ، فأخذ منها حاجته ، وظفر بضالّته
__________________
(١) رجال العلامة / ٧٣.
(٢) وهي التي أنشأها أبو نصر سابور بن أردشير وزير بهاء الدولة البويهي ، جمع فيها ما تفرّق من كتب فارس والهند ، واستكتب تآليف أهل الهند والصين والروم ، وأهدى اليها العلماء كتبهم ، فكانت من أغنى مكاتب بغداد ، وقد أمر باحراقها (طغرل بيك) فيما أحرق من مؤسسات الشيعة وبيوتهم ومدارسهم في الكرخ. مقدمة اللمعة / ٥٩.