المنشودة ، وألف كتابيه الجليلين «التهذيب» و «الاستبصار» وغيرهما من مهام الأسفار قبل أن يحدث شيء في تلك المكتبات فلم تزل مؤلفات الطوسي في الفقه وأصوله ، والكلام والتفسير ، والحديث والرجال ، والأدعية والعبادات ، وغيرها في كلّ علم من العلوم مآخذ علوم الدين بأنوارها يستضيئون ، ومنها يقتبسون وعليها يعتمدون. فالطوسي بمفرده قام بما لا تقوم به الجماعة ، ونهض بأعباء ثقيلة لم يكن من السهل على غيره النهوض بها لو لا العناية الربانية التي شدّت عضده (١) ، فقد ترك لنا وللأجيال الآتية نتاجا طيّبا متنوعا.
أهم مؤلفات الطوسي :
انّ الطوسي له من الحق على التراث الاسلامي وبالأحرى تراث أهل البيت في النواحي المختلفة ما ليس لأحد سواه ، فقد ألّف وصنّف من الكتب في كلّ فنون الاسلام ، ولسنا نحن الآن بصدد دراسة كتب الطوسي إذ انّها تحتاج الى دراسة خاصة ، ولكن نذكر البعض منها.
١ ـ «الاستبصار» :
هو أحد الكتب الأربعة والمجاميع الحديثية التي عليها مدار استنباط الأحكام الشرعية عند الفقهاء الاثنى عشرية مذ عصر المؤلف حتى اليوم ، وهو يشتمل على العبادات ، والعقود والايقاعات والأحكام الى الحدود والديات ، واقتصر فيه على ذكر ما اختلف فيه من الأخبار وطريق الجمع بينها ، وقد حصر الطوسي أحاديث «الاستبصار» في آخره في (٥٥١١) حديثا ، وقال : حصرتها لئلا يقع فيها زيادة أو
__________________
(١) وفي تأثير عامل الشخصية يقول الأستاذ الآصفي : لا نستطيع أن نغضي عنه مهما كان موقف علماء الاجتماع منا ، فلمؤهّلات الفقيه الفكرية وبعد نظره وعمق تفكيره ، واصابة آرائه وطموحه الفكري للتجديد أثر كبير في تطوير الفقه ، فما جدّد «الشيخ الطوسي» مثلا في البحث الفقهي لا يرتبط كليا بتأثير المحيط والعصر ، وإنّما كان يرتبط أيضا بمؤهلات (الشيخ الطوسي) الشخصية وقابلياته ونبوغه الذاتي. ولا يستطيع الباحث ـ مهما حاول ـ أن يعزل هذا العامل عن تطور الدراسة الفقهية. مقدمة اللمعة الدمشقية ١ : ٢٥.