للاجتهاد والاستنباط لدى الامامية وثاني المجاميع الأربعة ، ويحتوي هذا الكتاب على (خمسة آلاف وتسعمائة وثلاث وستون حديثا).
وهنا نسجّل نصّا يدلّ على عظمة الفقهاء والمحدّثين في ذلك العهد في مدينة قم.
قال الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة : أنفذ الشيخ حسين بن روح «رضي الله عنه» كتاب التأديب الى قم وكتب الى جماعة الفقهاء بها ، وقال لهم : انظروا ما في هذا الكتاب ، وانظروا فيه شيء يخالفكم (١).
فهذا النصّ يدلّ على مدى عظمة الفقهاء القاطنين في قم حيث يراجعها مثل حسين بن روح أحد النّواب الأربعة للامام المنتظر «ع».
هذا وكانت تحتفظ قم دائما بوجود المدارس والعلماء فيها ، وإن كان في بعض الأحيان يقلّ ويكثر ذلك ، فهي في طول القرون المتمادية لم تخلوا من الفقهاء والعلماء ، ومع ذلك قد جددت هذه الجامعة العلمية والدينية في القرن الرابع عشر على يد آية الله العظمى المرحوم الشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي عام (١٣٤٠) ، فأصبحت من ذلك الحين مركزا علميّا ودينيّا بعد ما كانت في سالف الزمان فعادت من جديد ، ويعظّم مدينة قم الشعب المسلم في ايران وغيرهم لقداستها حيث تحتضن في أرضها الطاهرة قبر السيدة فاطمة المعصومة بنت الامام موسى بن جعفر «ع».
وفي عصر السيد الراحل الإمام البروجردي الذي كان يحلّ في قم وكان زعيم الطائفة فعظم أمر هذا المركز العلمي الثقافي ، وتوجّهت إليها أنظار قاطبة الشيعة من مختلف البلدان الاسلامية ، لحلّ مشاكلهم الدينية والسياسية مع قائدهم ، وبذلك خرجت قم عن كونها بلدة صغيرة الى عاصمة لجميع الشيعة في العالم.
اجتمع في هذا العصر آلاف من الطلبة لأخذ العلم منها ، وأخذ يعلو أمر هذا المعهد الكبير ويعطي ثماره الى المجتمع الاسلامي ، وهذه الجامعة العلمية الدينية تستقبل بكلّ حفاوة وإكبار الذين يريدون أخذ التعاليم الاسلامية من أيّ قطر من الأقطار ، كما انّ اليوم يجتمع فيها الطلبة من بلدان مختلفة فتخرج منها المئات من العلماء منذ عصر
__________________
(١) الكنى والألقاب ٣ : ٧٦.