نفس الترك ، بل هو مريد الفعل لما فيه من المصلحة الملزمة ، وكراهة الترك لو كانت من باب المسامحة. وممّا ذكر يظهر ما في منتهى الاصول حيث قال : لو التفت إلى الترك فعلا وحصلت له الكراهة الفعليّة بالنسبة إليه ، فلا شكّ في أنّه يكون منشأ لاعتبار الحرمة (١).
وذلك لأنّ مع خلوّ الترك عن المفسدة الملزمة كيف تنقدح الكراهة بالنسبة إلى نفس الترك حتّى يكون منشأ لاعتبار الحرمة.
وأمّا المقدّمة الثانية : فهي ممنوعة لأنّ ترك الإزالة وإن لم ينفكّ عن الأضداد ولكنّه مقارن مع الأضداد الوجودية الخاصّة وليس متّحدا معها لأنّ الوجود حيثيّة إثباتيّة ولا يتّحد معها حيثيّة العدم ، ولا يكون الأضداد الخاصّة من محقّقات الترك ، بل الترك لازم لترك مقتضيه وهي إرادة الإزالة ، كما أنّ عدم المعلول لازم لعدم علّته ، فدعوى كون الأضداد الخاصّة من محقّقات الترك كما ترى.
وأمّا المقدّمة الثالثة : فهي أيضا ممنوعة لعدم دليل على سراية الحكم من أحد المتلازمين إلى الآخر ، وقد عرفت أنّ الضدّ العامّ وهو الترك ملازم مع وجود الأضداد الخاصّة.
وأمّا النتيجة ففيها ما سيأتي إن شاء الله تعالى من أنّ النهي الغيريّ لا يدلّ على مبغوضيّة المتعلّق لأنّه لم يكن إلّا للإلزام بإتيان غيره ، وأمّا ما يقال من أنّ إتيان المنهيّ تجرّ على المولى ومبعّد عن ساحته فلا يصلح للتقرّب ، ففيه أنّ العصيان من جهة ترك الضدّ الأهمّ لا من جهة فعل المهمّ ، كما لا يخفى.
فتحصّل أنّ دعوى عينيّة النهي عن الضدّ العامّ أو جزئيّته أو ملازمته للأمر بالشيء غير ثابتة. وعليه ، فالأضداد الخاصّة لا تكون منهيّا شرعا أيضا من جهة
__________________
(١) منتهى الاصول : ١ / ٣٠٢.