أصلا (١).
هذا بناء على أنّ النهي هو طلب الترك ، وأمّا إذا كان النهي هو الزجر عن ترك الإزالة والأمر هو البعث نحو الإزالة فلا إشكال في عدم اتّحاد الزجر عن ترك الإزالة مع الأمر بالإزالة ، لمغايرة البعث والزجر وتعدّد متعلّقهما ، فدعوى العينيّة ممنوعة لاستحالة اتّحاد المتغايرين.
وهكذا لا مجال لدعوى الجزئيّة لأنّ البعث لا يكون عين الزجر ولا جزأه ، والقول بأنّ الوجوب مركّب من طلب الفعل مع المنع من الترك غير سديد بعد ما عرفت من بساطة الوجوب ، وأنّه أمر ينتزعه العقلاء من تعلّق أمر المولى بشيء من دون ترخيص لتركه.
هذا كلّه بناء على عينيّة النهي عن الضدّ العامّ أو جزئيّته ، وأمّا إذا اريد اللزوم الواقعيّ بين الأمر بالضدّ والنهي عن تركه ففيه منع ، لأنّ الصادر من المولى ليس إلّا الأمر ، ولا يرجع الأمر بالشيء إلى بعث نحو الفعل وزجر عن الترك ، لأنّ الزجر يحتاج إلى ملاك ، والمفروض أنّ الملاك في الفعل وليس في جانب الترك ملاك ، إذ ترك الواجب ترك ما فيه المصلحة الملزمة لا أنّ نفس الترك شيء فيه المفسدة.
فيجوز التفكيك بين الأمر والنهي في الاعتبار ، لأنّ كلّ واحد منهما محتاج إلى اعتبار مستقلّ ولا ملازمة بين الاعتبارين بعد عدم علّيّة أحدهما للآخر أو عدم معلوليّتهما لعلّة واحدة ، فدعوى التلازم مجازفة.
وإن اريد من الملازمة بين الأمر والنهي الملازمة بين الإرادة والكراهة ، ففيه : أوّلا : أنّها ممنوعة لإمكان غفلة طالب شيء عن تركه حتّى يكرهه.
وثانيا : أنّ مع الالتفات إلى الترك وخلوّه عن المفسدة لا يتعلّق الكراهة إلى
__________________
(١) المحاضرات : ٣ / ٤٦.