الجملة الشرطيّة أو نحوها إلّا أنّ هذه الحيثيّة نفسها ليست بمفهوم على الفرض فإنّ المفهوم ما هو لازم لها وهو الانتفاء عند انتفائها ومن المعلوم أنّ الحاكم بذلك أي بانتفاء المعلول عند انتفاء علّته التامّة إنّما هو العقل ولا صلة له باللفظ (١).
يمكن أن يقال أنّ المباحث العقليّة هي التي تحكم العقل بها مع قطع النظر عن الأدلّة اللفظيّة التعبّديّة كالملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدّماته وجواز اجتماع الأمر والنهي في شيء واحد معنون بعنوانين وامتناعه والملازمة بين وجوب شيء وحرمة ضدّه وغير ذلك من المباحث العقليّة فإنّ الملازمة والجواز والامتناع ليست من المداليل اللفظيّة التعبّديّة هذا بخلاف المقام فإنّ الخصوصيّة المذكورة في المنطوق تدلّ بالمطابقة على أنّ الشرط المذكور تلو أداة المشروط علّة تامّة منحصرة لسنخ الحكم كما هو المفروض وتدلّ بالالتزام على أنّ الجزاء ينتفي بانتفائه فإنّه مقتضى انحصار علّة الجزاء في الشرط المذكور ولا توقّف في هذه الدلالة على الدلالة العقليّة بل هي مفاد العلّة المنحصرة كما لا يخفى ومجرّد كون العقل حاكما بعدم جواز تخلّف المعلول عن علّته لا يجعل مدلول اللفظ في مورد العلّة التعبّديّة مدلولا عقليّا كما لا يخفى.
وكيف كان فالبحث في المقام ليس في حجّيّة المفهوم بعد الفراغ عن وجوده بل الكلام في مبحث المفاهيم في أنّ الجملة الشرطيّة أو الوصفيّة وما شاكلهما هل تدلّ على المفهوم أم لا فالبحث في مباحث المفاهيم يكون عن ثبوت الصغرى وهو إثبات الدلالة اللفظيّة بعد الفراغ عن ثبوت الكبرى وهي حجيّة الظواهر سواء كانت من الدلالات المطابقيّة أو الدلالات الالتزاميّة وإذا عرفت تعريف المفهوم والمنطوق حان الوقت للبحث عن مقام الإثبات أعنى أنّ القضيّة الشرطيّة أو الوصفيّة وما شاكلهما هل تدلّ على المفهوم أو لا وسيجيء البحث عن ذلك إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) المحاضرات : ج ٥ ص ٥٨.