واحد واحد من آحاد العموم الثابت لشيء للماء في الكرّيّة فمعنى ذلك أن يكون استناد عدم التنجيس للماء في البول إلى الكرّيّة وعدم تنجيس الدم له إلى الكرّيّة وكذا عدم تنجيس الغائط له وكذا إلى آخر النجاسات فلو كان عدم تنجيس البول مثلا له لأجل شيء آخر وإن لم يكن الماء حدّ الكرّ لا يصدق أنّ الماء الكرّ لا ينجّسه شيء من النجاسات لأجل أنّه كرّ بل يصدق أنّ بعضها لا ينجّسه لأجل ذلك وبعضها لأجل شيء آخر فالعموم في السالبة الكلّيّة في القضيّة الشرطيّة كقوله لم ينجّسه شيء ليس من قيود السلب ولا من قيود المسلوب بل هو منحلّ إلى السلب عن كلّ واحد واحد من الأفراد فالسلب كلّيّ.
وهذا هو مقتضى المختار في القضايا الشرطيّة من أنّها تفيد العلّيّة المنحصرة بل هو مقتضى كون القضيّة الشرطيّة مفيدة للمفهوم ولو بقيام القرينة الخاصّة عليه ولو لم نقل بالمفهوم وضعا أو إطلاقا وممّا ذكر يظهر ما في كلام شيخنا الأستاذ قدسسره حيث أورد عليه بأنّ الكلام في صحّة المبنى إذ لا يجزم بأنّ معنى «إذا» كون التالي علّة منحصرة بل غاية ما يقال إنّه مفيد لترتّب تحقّق الجزاء على ترتّب الشرط لكنّ ذلك يجمع مع كون الشرط جزء أخير للعلّة فلا اقتضاء فيه لكونه تمام العلّة فضلا عن إفادة كونه علّة تامّة منحصرة (١).
وذلك لما عرفت أوّلا من قوّة مختار الشيخ وصاحب التعليقة وصاحب الفصول من دلالة الجملة الشرطيّة على انحصار العلّة في الشرط بتقريب أفاده صاحب الفصول فراجع. وثانيا : إنّ ذلك مقتضى دلالة القضيّة الشرطيّة على المفهوم ولو من جهة قيام القرينة الخاصّة.
لا يقال : الحقّ هو التفصيل بين ما إذا كان العموم في المنطوق مستفادا من لفظ
__________________
(١) راجع الدرر ٣١٤ الطبع الجديد ، وكتاب الطهارة : ج ١ ص ٢٠٢ ـ ٢٠٤.