دالّ عليه بالوضع أو الدلالة العرفيّة كما لو كان الكلام مشتملا على كلمة كلّ ونحوها وبين ما إذا لم يكن كذلك كما إذا كان العموم من ناحية وقوع النكرة في سياق النفي.
وإلّا فالعموم التابع للنفي ليس مأخوذا في المفهوم لو كان في المنطوق إذ معنى هذا العموم أنّه إذا جيء الكلام بصورة النفي يتحقّق عموم وإن جيء بصورة الإثبات فلا عموم فهو تابع للنفي وحيث إنّ المفهوم لا بدّ من مخالفته مع المنطوق في الإثبات والنفي فلا جرم يلزم مخالفته معه فيما هو من توابع النفي والإثبات أيضا.
فإذن منطوق القضيّة له عموم أعني إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء لمكان النفي فإذا أخذ المفهوم وقيل إذا كان الماء قدر كرّ ينجّسه شيء يصير جزئيّا قهرا إذ النكرة في الإثبات يفيد الجزئيّة كما أنّه في النفي يفيد الكلّيّة (١).
لأنّا نقول : الظاهر إنّ ما ذكره الشيخ قدسسره لا يبتني على كون العموم مستفادا من الوضع أو الدلالة العرفيّة بل يبتني على دلالة الجملة الشرطيّة على الحصر فإنّ بعد دلالة الجملة على أنّ علّة عدم تنجيس كلّ نجاسة للماء هو الكرّيّة لا غيرها فلا مفرّ من القول بالعموم إذ لو كان لبعض الأفراد علّة أخرى لأن يمنع عن التنجيس لزم الخلف في كون الكرّيّة مانعة عن ذلك فقط ولا فرق في ذلك بين كون العموم مستفادا من لفظ دالّ عليه بالوضع أو مستفادا من ناحية الدلالة العرفيّة.
بل الأمر كذلك لو كان العموم مستفادا من مقدّمات الإطلاق أيضا لأنّ كلّ ذلك لإفادة الجملة الشرطيّة العلّيّة المنحصرة لا يقال بالفرق بين العموم الجائي من قبل «كلّ» والعموم الجائي من قبل مقدّمات الحكمة بدعوى أنّ المفهوم في الأوّل عامّ بخلاف الثاني فإنّه جزئيّ فإنّه رفع الإطلاق المستفاد من المنطوق ومن المعلوم أنّ رفع المطلق جزئي وتفصيله كما حكاه شيخنا الأستاذ في كتاب طهارته أنّ المقدّمات يجري
__________________
(١) كتاب الطهارة لشيخنا الأستاذ الأراكيّ (قدسسره) : ج ١ ص ٢٠٤ ـ ٢٠٥.