وأمّا الأسباب الشرعيّة فلم تكن بهذه المثابة ضرورة أنّ النوم والبول لم يكونا مؤثّرين في الإيجاب والوجوب ولا في الوضوء فالقياس مع الفارق ولا بدّ من ملاحظة ظهور الأدلّة ومجرّد هذه المقايسة لا يوجب تقديم أحدهما على الآخر بعد إمكان كون الوضوء مثلا بلا قيد مأخوذا في الجزاء أو مقيّدا.
وممّا ذكرنا يظهر النظر فيما قيل من أنّ المحرّك الواحد يقتضي التحريك الواحد والمتعدّد المتعدّد كالعلل التكوينيّة فإنّ ذلك بمكان من الضعف فإنّ المحرّك أي البعث والأمر إذا تعلّق بماهيّة بلا قيد فمع تعدّده لا يعقل التكثّر بل لا توجب المحرّكات الكثيرة [نحو] ماهيّة واحدة إلّا التأكيد فقياس التشريع بالتكوين موجب لكثير من الاشتباهات فلا تغفل.
لكنّ بعد اللتيا والتي لا شبهة في أنّ فهم العرف مساعد على عدم التداخل وأن الشرطيّات المتعدّدة مقتضية للجزاء متعدّدا (١).
وجه الظهور ما عرفت في بحث متعلّق الأوامر من أنّ تعلّق الأمر بنفس الماهيّة غير معقول لعدم انقداح الإرادة بالنسبة إليها إذ الماهيّة ليست إلّا هي لا مطلوبة ولا غير مطلوبة فلا وجه لدعوى تعلّق الإرادة والبعث بها وحكم العقل بتقدير الإيجاب لا مجال له بعد عدم معقوليّة تعلّق الإرادة بنفس الماهيّة بل تعلّقت الإرادة من أوّل الأمر بوجود الطبيعة والمراد بوجودها هو الوجود اللافراغيّ لا الوجود الخارجيّ إذ الخارج ظرف السقوط لا ظرف الثبوت.
ومن المعلوم أنّ وجود الطبيعة قابل للتعدّد والتكثّر بتعدّد الأسباب والشرطيّات المتعدّدة وليس الوجود كنفس الماهيّة حتّى لا يعقل التكثّر والتعدّد فيها فإذا كان الموضوع في الجزاء هو وجود الطبيعة لا نفس الماهيّة فلا يلزم التعارض.
__________________
(١) مناهج الوصول : ج ٢ ص ٢٠١ ـ ٢٠٤.