بالبعث إلى صرف الطبيعة عدم القدرة الشرعيّة على إتيان المصداق المزاحم بالأهمّ. وعليه ، فالبعث إلى صرف الطبيعة لا يرجع إلى البعث إلى المصداق المزاحم حتّى يلزم طلب الضدّين ، بل يرجع إلى طلب إيجاد الطبيعة بمصاديقها المقدورة شرعا وهي غير المصداق المزاحم ، ومن المعلوم أنّه لا ضدّيّة بين طلب صرف الطبيعة وبين طلب الأهمّ ، وإنّما الضدّيّة فيما إذا كان البعث نحو الطبيعة المطلقة وبين طلب الأهمّ ، والمفروض عدمه.
وأمّا ما ذهب إليه المحقّق الأصفهانيّ قدسسره من أنّ الطبيعة حيث إنّ أفرادها هنا طوليّة ، فليس في زمان المضيّق لطبيعة الموسّع فرد غير مزاحم حتّى يقال لا نظر إليه ، بل إلى صرف الطبيعة غير المزاحمة بنفسها ، فإنّها حينئذ منحصرة في المزاحم ، فيكون الأمر بها في هذا الزمان أمرا بالمزاحم حقيقة بخلاف باب اجتماع الأمر والنهي ، فإنّ الأفراد هناك عرضيّة ، ففي كلّ زمان لطبيعة الصلاة أفراد مزاحمة وأفراد غير مزاحمة ، فالطبيعة في كلّ زمان مقدور عليها (١)
ففيه أنّه لا مجال للقول بأنّ المكلّف في أوّل الزوال مثلا لا تكليف له بالنسبة إلى طبيعة الصلاة عند مزاحمة فرد منها مع الأهمّ كالإزالة ، بل هو مكلّف بالنسبة إليها بنحو الواجب التعليقي لإمكان الامتثال بها في الاستقبال ، أي في الأزمان الباقية إلى آخر الوقت ، بإتيان مصاديقها المقدورة ؛ فالوجوب فعليّ في أوّل الزوال بالنسبة إلى صرف الطبيعة ، والواجب استقباليّ ؛ فلا وجه لإنكار الوجوب عند مزاحمة فرد منها مع الواجب المضيّق ومن المعلوم أنّ الأمر الفعليّ بالنسبة إلى صرف الطبيعة كاف لقصد الامتثال.
ثمّ إنّ وجه كفاية قصد الأمر المتوجّه إلى صرف الطبيعة في تحقّق الامتثال هو
__________________
(١) نهاية الدراية : ٢ / ٥٥.