صحيحا لانطباق المأمور به عليه.
وإن شئت فقل إنّ ما كان مزاحما للواجب المضيّق وإن كان غير مقدور شرعا إلّا أنّه ليس بمأمور به ، وما كان مأمورا به ومقدورا للمكلّف ـ وهو صرف وجود الطبيعة بين المبدأ والمنتهى ـ غير مزاحم له. وعلى ذلك الأساس صحّ الإتيان بالفرد المزاحم ، فإنّ الانطباق قهريّ والإجزاء عقليّ.
ونتيجة ما أفاده المحقّق الثاني قدسسره هي أنّ الفرد المزاحم ، بناء على القول بالاقتضاء حيث إنّه كان منهيّا عنه ، فلا ينطبق عليه المأمور به ، وعليه فلا إجزاء لدورانه مدار الانطباق. وبناء على القول بعدم الاقتضاء حيث إنّه ليس بمنهيّ عنه ينطبق عليه المأمور به فيكون مجزيا (١).
اورد عليه في مناهج الوصول بأنّ ملاك استحالة الأمر بالضدّين وهو التكليف بالمحال موجود مع تضييق الوقت أو انحصار الفرد أو كون الأفراد طوليّة فإنّ معنى تعلّق الأمر بالطبيعة هو البعث إلى إيجادها والأمر وإن تعلّق بنفس الماهيّة ، لكنّ البعث إليها هو البعث إلى إيجادها ؛ فمع ضيق الوقت إن كان البعث إلى إيجادها فعليّا وكذلك إلى ضدّ مصداقها ينتهى الأمر إلى التكليف بالمحال ، لأنّ إيجاد الطبيعة وضدّ المصداق ممّا لا يمكن في الوقت المضيّق ، وكذا الحال مع انحصار المصداق ، بل مع كون الأفراد طوليّة فإنّ فعليّة الأمر بالطبيعة في وقت يكون فردها مبتلى بالضدّ الواجب لازمها التكليف بالمحال (٢).
ولا يخفى عليك أنّ المدّعى أنّ الأمر متوجّه إلى الطبيعة لا إلى الأفراد والقدرة في الجملة بالنسبة إلى مصاديقها كافية في جواز البعث إلى صرف الطبيعة ، ولذا لا يضرّ
__________________
(١) المحاضرات : ٣ / ٥٢ و ٥٤.
(٢) مناهج الوصول : ٢ / ٢٢.