بتعدّد السبب فإنّ هذا الظهور يدلّ على تعدّد السبب الحقيقيّ المنكشف بالمعرّفات الشرعيّة فاختيار كون الأسباب الشرعيّة معرّفات لا يوجب القول بالتداخل بعد الاعتراف بظهور الجملة الشرطيّة في الطبيعة السارية وحدوث الجزاء عند حدوث الشرط بسببه أو بكشفه عن سببه لأنّ مقتضاه هو تعدّد الشرط والسبب فيتعدّد الجزاء عند تعدّد الشرط والسبب هذا مضافا إلى أنّ حمل العناوين المأخوذة في لسان الأدلّة الشرعيّة على المعرّفات لا تساعده ظواهر الأدلّة حيث إنّ الظاهر منها أنّ العناوين المأخوذة في ألسنتها بأنفسها موضوعات للأحكام لا أنّها معرّفات لها (١).
ثمّ أنّه لا وجه لاختيار كون جميع الأسباب الشرعيّة معرّفات مع أنّ حالها حال غيرها من الأسباب العرفيّة في أنّها قد تكون مؤثّرة في ترتّب الحكم عليها بحيث لولاها لما وجدت للحكم علّة كقوله عليهالسلام إذا شككت في الثلاثة والأربعة في الركعات فابن على الأكثر وقد تكون امارة على ما هو المؤثّر في الحكم كخفاء الجدران الذي يكون أمارة على البعد المخصوص الذي يترتّب عليه وجوب القصر اللهم إلّا أن يقال لم يظهر من قول فخر المحقّقين أنّه أختار كون جميع الأسباب الشرعيّة معرّفات.
نعم لو كان مراده من المعرّفيّة في الأسباب الشرعيّة أنّ الأسباب الشرعيّة لا تكون ملاكات للأحكام أعني به المصالح والمفاسد التي تدعو الشارع إلى جعل الأحكام بل تكون موضوعات للأحكام أو ممّا هو دخيل في قوامها كالأجزاء والشرائط فهو له وجه من جهة عدم كون الأسباب الشرعيّة من قبيل المصالح والمفاسد ولكنّ مع ذلك لا يجدي فيما أراده من ابتناء التداخل على المعرّفيّة وذلك لأنّ المراد من المعرّف حينئذ هو موضوع الحكم الشرعي أو ممّا له دخل فيه ومن المعلوم أنّ موضوع كلّ قضيّة سواء كانت القضيّة حملية أو شرطيّة هو طبيعة سارية إلّا إذا
__________________
(١) راجع المحاضرات : ج ٥ ص ١١٤ ـ ١١٥.