خارجة عن متعلّقه وإن كانت من حصّة نفس الطبيعة. وعلى ذلك فالفرد المزاحم ـ بما أنّه غير مقدور شرعا ـ خارج عن حيّز الأمر ولا يكون مصداقا للطبيعة المأمور بها بما هي مأمور بها (١).
وأجاب عنه في المحاضرات بأنّ الشارع لم يأخذ القدرة في متعلّق أمره على الفرض ، بل هو مطلق من هذه الجهة ؛ غاية ما في الباب أنّ التكليف المتعلّق به يقتضي أن يكون مقدورا من جهة أنّ الغرض منه جعل الداعي إلى إيجاده وجعل الداعي نحو الممتنع عقلا أو شرعا ممتنعا ومن الواضح أنّ ذلك لا يقتضي أزيد من إمكان حصول الداعي للمكلّف ، وهو يحصل من التكليف المتعلّق بالطبيعة المقدورة بالقدرة على فرد منها لتمكّنه من إيجادها في الخارج ولا يكون ذلك التكليف لغوا وممتنعا عندئذ ، فإذا فرض أنّ الصلاة مثلا مقدورة في مجموع وقتها وإن لم تكن مقدورة في جميعها ، فلا يكون البعث نحوها وطلب صرف وجودها في مجموع هذا الوقت لغوا.
وعليه ، فلا مقتضى للالتزام بأنّ متعلّقه حصّة خاصّة من الطبيعة وهي الحصّة المقدورة فإنّ المقتضي له ليس إلّا توهّم أنّ الغرض من التكليف حيث إنّه جعل الداعي ، فجعل الداعي نحو الممتنع غير معقول ، ولكنّه غفلة عن الفارق بين جعل الداعي نحو الممتنع وجعل الداعي نحو الجامع بين الممتنع والممكن ، والذي لا يمكن جعل الداعي نحوه هو الأوّل دون الثاني فإنّ جعل الداعي نحوه من الوضوح بمكان.
فالنتيجة على ضوء هذا البيان أنّه يصحّ الإتيان بالفرد المزاحم بداعي امتثال الأمر بالطبيعة من دون فرق بين القول بأنّ منشأ اعتبار القدرة هو حكم العقل أو اقتضاء نفس التكليف ذلك (٢).
__________________
(١) المحاضرات : ٣ / ٥٤ ـ ٥٦.
(٢) المحاضرات : ٣ / ٦٣.