فكذلك يحتاج إلى جريانها في مفهوم الغاية ومن هذه الجهة لا فرق بينهما.
ولا يخفى ما فيه فإنّ ذكر غاية بعد الغاية المذكورة ينافي كون الغاية المذكورة غاية أساسا إنّ أريد أنّ الغاية النهائيّة الأصيلة هي التي ذكرت بعد الغاية الأولى وإن أريد أنّ الغاية الثانية هي غاية بعد الغاية الأولى ففيه أنّ الأولى والثانية من الغايات الزمانيّة أو المكانيّة التي تكون بينهما الأقلّ والأكثر فمع وجود الأقلّ لا مجال للأكثر كما لا يخفى.
نعم يمكن الأخذ بالإطلاق لدفع احتمال وجود غاية قبل حصول الغاية المذكورة فتدبّر جيّدا.
وكيف كان فالأقوى هو ما ذهب إليه المشهور بل المعظم من أنّ تقييد حقيقة الحكم بالغاية يدلّ على المفهوم وهو انتفاء سنخ الحكم بحصولها.
ثمّ إنّ الظاهر من منتهى الأصول أنّ الغاية غالبا تكون مفاد أحد الحروف الجارّة فتكون من قبيل الجارّ والمجرور ولا بدّ من تعلّق الجارّ والمجرور لشيء وبمقتضى القواعد العربيّة يكون المتعلّق هي الجملة التي تمّ الإسناد فيها فيكون من قيود الجملة بعد تحقّق الإسناد فيها لا من قيود عقد وضعها أو عقد حملها فمثل قوله عليهالسلام كلّ شيء لك حلال حتّى تعرف أنّه حرام بعينه أو قوله تعالى : (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) وغيرها من الموارد ظاهرة في أنّ الغاية قيد للحكم المستفاد من الجملة التي سمّيناها بنتيجة الجملة فيكون حال الغاية حال الشرط في كونه قيدا للحكم لا للموضوع ولا للمحمول ولا حال الوصف من كونه قيدا لعقد الوضع أو الحمل قبل الإسناد (١).
ولا يخفى ما فيه حيث أنّ قيد الموضوع أو المحمول أيضا يكون مفاد أحد الحروف الجارّة ويحتاج إلى المتعلّق المقدّر وهو لا محالة يكون الجملة فالطريق المذكور
__________________
(١) منتهى الأصول : ج ١ ص ٤٣٨.