لتشخيص قيد الحكم عن قيد الموضوع أو المتعلّق غير تامّ.
قال في المحاضرات إنّ الحكم في القضيّة إن كان مستفادا من الهيئة فالظاهر أنّ الغاية قيد للفعل وهو المتعلّق دون الموضوع حيث إنّ حالها حال بقيّة القيود كما أنّ الظاهر منها هو رجوعها إلى الفعل باعتبار أنّه معنى حدثيّ فكذلك الظاهر من الغاية.
وأمّا رجوعها إلى الموضوع فيحتاج إلى قرينة تدلّ عليه كما في الآية الكريمة المتقدّمة حيث إنّ قوله تعالى : (إِلَى الْمَرافِقِ) في هذه الآية غاية للموضوع وهو اليد لا للمتعلّق وهو الغسل وذلك لأجل قرينة وخصوصيّة في المقام وهي إجمال لفظ اليد واختلاف موارد استعماله وهو قرينة على أنّه سبحانه في هذه الآية المباركة في مقام بيان حدّ المغسول من اليد ومقداره ومن هنا اتّفق الشيعة والسنّة على أنّ الآية في مقام تحديد المغسول لا في مقام بيان الترتيب.
ولذا يقول أهل السنّة بجواز الغسل من المرفق إلى الأصابع وأفتوا بذلك وإن كانوا بحسب العمل الخارجيّ ملتزمين بالغسل منكوسا.
ونظير الآية في ذلك المثال المشهور (اكنس المسجد من الباب إلى المحراب) فإنّه ظاهر بمقتضى قرينة المقام في أنّ كلمة (إلى) غاية للموضوع وبيان لحدّ المسافة التي أمر بكنسها وليست في مقام بيان الترتيب ومن هذا القبيل أيضا قوله تعالى (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) حيث إنّ الظاهر بمقتضى خصوصيّة المقام هو أنّ كلمة (إلى) غاية لتحديد حدّ الممسوح لا لبيان الترتيب.
ومن هنا ذهب المشهور إلى جواز المسح منكوسا وهو الأقوى إذ مضافا إلى إطلاق الآية فيه رواية خاصّة.
هذا كلّه فيما إذا كان الحكم في القضيّة مستفادا من الهيئة وأمّا إذا كان الحكم فيها مستفادا من مادّة الكلام فإن لم يكن المتعلّق مذكورا فيه كقولنا (يحرم الخمر إلى أن يضطر المكلّف إليه) فلا شبهة في ظهور الكلام في رجوع القيد إلى الحكم.