وبعبارة أخرى دلالة القضيّة المغيّاة على المفهوم من ناحية دلالتها على انتفاء حقيقة الحكم بحصول الغاية وهكذا دلالة الجمل الشرطيّة على المفهوم من ناحية دلالتها على انتفاء حقيقة الحكم بانتفاء العلّة إذ مقتضى دلالتهما على انتفاء حقيقة الحكم بانتفاء العلّة أو بحصول الحدّ الخاصّ هو انتفائه بجميع أفراده.
وليست هذه الدلالة في القضيّة الوصفيّة فإنّها لمجرد إثبات حكم لموصوف ولا دلالة فيها على الانتفاء عند الانتفاء وعليه فما ذهب إليه المشهور من دلالة القضيّة المغيّاة على المفهوم وهو انتفاء سنخ الحكم بحصول الغاية لا يخلو عن وجه ولكنّ ذلك مختصّ بما إذا كانت الغاية قيدا للحكم وأمّا إذا كانت قيدا للموضوع كقوله تعالى : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) أو قوله تعالى (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) أو كانت قيدا للمتعلّق كالأمر بالسير من البصرة إلى الكوفة فلا مفهوم لها لأنّ الجملة حينئذ تكون كالجمل الوصفيّة في الدلالة على مجرّد اثبات الحكم للموضوع أو المتعلّق ولا دلالة لها على الانتفاء عند الانتفاء.
ثم لا يخفى عليك أنه ذكر بعض أمورا لتشخيص كون الغاية غاية للحكم أو قيدا للموضوع أو المتعلّق ولكنّه لا يخلو عن تأمّل ونظر فالأولى هو إحالة ذلك إلى لاستظهار العرفي
المقام الثاني : في دخول الغاية أو خروجها والظاهر أنّه لا فرق بين أن يكون الغاية غاية للموضوع أو غاية للحكم في ظهورها في الخروج لأنّ المراد من الغاية هو ما ينتهي عنده الشيء لا آخر نفس الشيء ومن المعلوم أنّ حدود الشيء خارج عن الشيء سواء كان الشيء موضوعا أو حكما نعم ربّما يستعمل الغاية في آخر نفس الشيء وحينئذ لا تدلّ على خروجها كقولك قرأت القرآن من أوّله إلى آخره وأمّا في مثل سر من الصبرة إلى الكوفة أو قوله عزوجل : (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) فالكوفة خارجة عن مورد السير الواجب فيجوز أن سار إلى جدارها ولم يدخل فيها كما أنّ الصيام ينتهى إلى الليل وكان الليل خارجا عن الواجب وهو صوم اليوم.