يلزم الكذب من حصره فيه تعالى (١).
ففيه أنّ لفظة الإله ربما استعملت في المحاورات في معنى واجب الوجود وإن لم تستعمل في أصل اللغة ولعلّ من هذا الباب قوله تعالى (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) في آيات من القرآن الكريم كقوله (أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً) ـ إلى أن قال عزوجل ـ : (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) ـ إلى أن قال ـ : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ) ـ إلى أن قال ـ : (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ) ـ إلى أن قال ـ : (أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) ـ إلى أن قال ـ : (أَإِلهٌ مَعَ اللهِ)(٢)
وقوله تعالى أيضا في سورة القصص (وَهُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ)(٣).
وعليه فلا مانع من أن يكون المراد من الإله في كلمة التوحيد هو الواجب فتفيد كلمة الإخلاص التوحيد الذاتيّ كما لا يخفى ومن المعلوم أنّ التوحيد الذاتيّ يتعقّبه التوحيد في العبادة إذ لا يستحقّ للعبادة إلّا الواجب المتعال.
ثمّ إنّ المحقّق الأصفهانيّ قدسسره أفاد بيانا يدلّ على كلا الأمرين أي التوحيد الذاتيّ والتوحيد في العبادة حيث قال : إنّ الإله بمعنى المستحقّ للعبادة وإن لم يعبد بالفعل راجع إلى الصفات الذاتيّة الراجعة إلى نفس الذات فإنّ استحقاق العبادة من أجل المبدئيّة والفيّاضيّة فيستحقّ العلّة انقياد المعلول لها وتخضعه لها فنفي فعليّة هذا المعنى في غيره تعالى لعدم كونه بذاته مبدأ مقتضيا لذلك ويستحيل أن ينقلب عمّا هو
__________________
(١) أصول الفقه : ج ١ ص ٢٧٤.
(٢) النمل : ٦٠ ـ ٦٤.
(٣) القصص : ٧٠ ـ ٧١.