الحكم بالمستثنى منه.
قال المحقّق الأصفهانيّ قدسسره إنّ الإخراج ليس عين معنى سلب المجيء عن زيد مثلا بل لازمه ذلك كما أنّ عدم الوجوب بعدم المجيء لازم العلّيّة المنحصرة لا عين معناها إذ العلّيّة هي المدخليّة ولازم المدخليّة على وجه يخصّ بشيء عدم المعلول بعدمه لا أنّ العلّيّة متقوّمة بالوجود عند الوجود والعدم عند العدم ضرورة أنّ العلّيّة من المفاهيم الثبوتيّة فتوهّم أنّ ما يسمّى مفهوما عند القوم منطوق على القول به غفلة (١).
وعليه فالاستثناء في مثل جاءني القوم إلّا زيدا يدلّ على الإخراج واختصاص المجيء بالمستثنى منه ولازم ذلك هو سلب المجيء عن زيد في مثل جاءني القوم إلّا زيدا.
وحيث إنّ سلب المجيء عن المستثنى يكون من لوازم الإخراج فلا يكون الدلالة عليه بالمنطوق بل تكون بالمفهوم وعليه فلا وجه لقول صاحب الكفاية بأنّه لو كانت الدلالة في طرف المستثنى بنفس الاستثناء لا بتلك الجملة كانت بالمنطوق هذا مضافا إلى ما فيه من جعل الدالّ على الحصر هو الجملة المشتملة على الاستثناء لا نفس الاستثناء مع أنّ الموضوع للحصر هو نفس الاستثناء لا الجملة المشتملة عليه فلا تغفل وكيف كان فقد أفاد في الكفاية أنّه لا ثمرة في النزاع بين أن تكون الدلالة بالمنطوق أو المفهوم بعد ما كان الملاك في التقديم عند تعارض المنطوق والمفهوم هو أقوائيّة الدلالة لا مجرّد المنطوقيّة أو المفهوميّة فتدبّر جيّدا.
أورد عليه بأنّ الحقّ أنّ هذا البحث له أثر عمليّ كبير ونستطيع أن نقول إنّ المهمّ في مبحث الاستثناء هو هذا الأمر وذلك لأنّه إذا كان ثبوت الحكم في المستثنى من باب المفهوم وكونه لازم الخصوصيّة الثابتة لحكم المستثنى منه فمع الشكّ في سعة
__________________
(١) نهاية الدراية : ج ٢ ص ١٨١.