استعمال أبناء المحاورة كما يشهد له الاستشهاد بالأقوال والأشعار المذكورة.
وثانيا : بأنّ عدم اعتبار قول اللغويين في تشخيص الأوضاع لأنّهم يذكرون نوعا موارد الاستعمال ولا ينظرون إلى كونها حقيقة أو مجازا لا ينافي حصول الوثوق بذلك من نقلهم في بعض الموارد في الجملة ولعلّ المقام من جملة هذه الموارد قال في تاج العروس وأنّ المفتوحة فرع عن أنّ المكسورة فصحّ أنّ إنّما تفيد الحصر كأنّما ـ إلى أن قال ـ : ومعنى إنّما إثبات لما يذكر بعدها ونفي لما سواه ثمّ زاد.
وفي الصحاح إذا زدت على «إنّ» «ما» صار للتعيين كقوله تعالى إنّما الصدقات للفقراء والمساكين لانّه يوجب إثبات الحكم للمذكور ونفيه عمّا عداه ، انتهى.
واجتمعا في قوله تعالى (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) فالأولى لقصر الصفة على الموصوف والثانية لعكسه أي لقصر الموصوف على الصفة وقول من قال من النحويين إنّ الحصر خاصّ بالمكسورة وإليه أيضا يشير نصّ الجوهريّ مردود (١).
ولا يخفى عليك أنّ قوله ومعنى إنّما إثبات لما يذكر بعدها ونفي لما سواه ظاهر في أنّه في مقام بيان معنى إنّما عند أبناء المحاورة لا ما فهمه باجتهاده من عبائرهم وهكذا قول الصحاح إذا زدت على «إنّ» «ما» صار للتعيين ظاهر في إنّه كذلك عند أبناء المحاورة.
وثالثا : بأنّ ما ذكره شيخنا الأستاذ قدسسره من أنّه لا يستفاد من قولنا (اين است وجز اين نيست) إلّا زيادة تأكيد بدون استفادة الانحصار منظور فيه لأنّ العبارة المذكورة تدلّ على الحصر ولعلّه يرجع إلى الذي أشار إليه في تاج العروس من أنّ معنى إنّما إثبات لما يذكر بعدها ونفي لما سواه وهكذا إن قلنا بأنّ معنى كلمة انّما في اللغة
__________________
(١) تاج العروس : ج ٩ ص ١٢٩.