نفي ما توهّمه أهل الدنيا بالنسبة إلى الدنيا وإفادة الحصر الإضافيّ والادّعائيّ بكلمة «إنّما» تكون ناشئة عن كون الكلمة موضوعة للحصر الحقيقي كما لا يخفى.
وثالثا : بأنّ كلمة إنّما في الآية الثانية تفيد الحصر الحقيقيّ كما أفاده في المحاضرات حيث قال : إنّ المراد من الحياة في الآية الثانية هي الحياة الدانية فالدنيا صفة لها وهي تنحصر باللعب واللهو يعني أنّ الحياة الدنيّة في هذه الدنيا هي اللعب واللهو بمقتضى دلالة كلمة إنّما إلى أن قال الآية في مقام بيان حصر الحياة الدنيا بهما لا حصرهما بها فلا يكون حصولهما في غير الحياة الدنيا يعني الحياة الأخرويّة مانعا من دلالة الآية على الحصر (١).
ورابعا : بالنقض بكلمة إلّا مع أنّه لا شبهة في دلالتها على الحصر فيما إذا استعملت في مثل ما ذكر ولم يقل أحد بأنّ ذلك مضرّ بإفادتها للحصر ألا ترى قوله تعالى : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) فإذن فما هو الجواب هناك هو الجواب في المقام فإن أجيب عن ذلك بأنّ هذا من ناحية قيام قرينة خاصّة فنقول بعين ذلك في المقام فلا تغفل.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ إنّما تدلّ على تخصيص الحكم أو الصفة بالموضوع أو الموصوف في مثل إنّما مجتهد زيد بالمطابقة وتدلّ على نفي الاجتهاد عن غير زيد بالمفهوم إذ لازم تخصيص الاجتهاد بزيد هو نفيه عن غيره كما أنّ إنّما تدلّ على تخصيص موضوع بصفة في مثل إنّما زيد كاتب بالمطابقة وتدلّ على نفي اتّصافه بغيرها من الصفات بالمفهوم إذ لازم تخصيص الموضوع بالصفة هو ذلك وبالجملة كلمة إنّما تدلّ على خصوصيّة هي تدلّ على نفي الصفة أو الحكم أو الموضوع بالدلالة الالتزاميّة وعليه فالحصر مفهوم من دلالة إنّما على الخصوصيّة المذكورة وبهذا الاعتبار صحّ
__________________
(١) المحاضرات : ج ٥ ص ١٤٣ ـ ١٤٤.