كأنّه لا صفة له غيره فجعله مقصورا عليه ادّعاه.
وعلى الثاني فهي تفيد الحصر كقولنا إنّما الفقيه زيد مثلا وإنّما القدرة لله تعالى وما شاكل ذلك ـ إلى أن قال ـ : فالنتيجة أنّ هذه الكلمة غالبا تستعمل في قصر الصفة على الموصوف وهي تفيد الحصر عندئذ نعم قد تستعمل للمبالغة في هذا المقام أيضا وعندئذ لا تدلّ على الحصر (١).
ولقد أفاد وأجاد إلّا أنّ ظاهره أنّ تصريح أهل الأدب دليل آخر مع أنّه ليس كذلك بل هم يشيرون إلى التبادر عند أهل اللسان ثمّ إنّ استعمال كلمة إنّما في قصر الموصوف وإن لم يفد الحصر الحقيقيّ بل المقصود هو الحصر الادّعائيّ والإضافيّ في مقام المبالغة والتجوّز ولكنّه حاك عن كون الكلمة موضوعة للحصر الحقيقيّ كما لا يخفى.
وكيف كان فقد استدلّ الفخر الرازيّ على عدم إفادة إنّما للحصر بقوله تعالى : (إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ) مع أنّه لا شكّ في أنّ الحياة الدنيا لها أمثال أخرى ولا تنحصر بهذا المثل.
وبقوله تعالى (إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ) مع أنّه لا شكّ في أنّ اللعب واللهو قد يحصلان في غيرها ويمكن الجواب عنه أوّلا بأنّ الاستعمال بالقرينة في غير المعنى الموضوع له لا ينافي تبادر معناه عند أهل اللسان كما أنّ استعمال الأمر في غير الوجوب لا ينافي تبادر الوجوب منه.
وعليه فلا ضمير في استعمال كلمة إنّما في الآية الأولى في مجرّد التأكيد بقرينة أنّ للحياة الدنيا أمثال أخرى.
وثانيا : بأنّ كلمة إنّما استعملت في الآية الأولى في الحصر الإضافيّ والمراد هو
__________________
(١) المحاضرات : ج ٥ ص ١٤٠ ـ ١٤١.