الغفلة وسبق اللسان مندفع بأصالة عدم السهو والخطأ كما أنّ احتمال التوطئة مندفع بأصالة الجدّ فما لم تقم قرينة خاصّة على الأمور المذكورة فالظاهر من كلمة بل هو إبطال ما سبق وتخصيص الحكم بما يتلوها وهذا التخصيص يفيد الحصر فكلمة بل وإن كانت مشتركة بين المعانيّ المذكورة ولكنّها ظاهرة في القسم الأخير من دون حاجة إلى قيام القرينة بعد جريان أصالة عدم السهو والخطأ وأصالة الجدّ وعليه فلا وقع لما يقال من أنّ بعد صحّة استعمال كلمة بل في غير القسم الأخير فلا محالة يحتاج استفادة القسم الأخير منها إلى القرينة هذا ولكنّ الإنصاف أنّ إفادة القسم الأخير للحصر تتوقّف على إحراز كون المتكلّم في مقام تخصيص سنخ الحكم بمدخول بل لا الحكم المذكور في شخص القضيّة أو على إحراز كونه في مقام تخصيص الفرد الخاصّ بخصوصه من بين الأفراد بالحكم أو الصفة وهو محتاج إلى القرينة وإلّا فشأن كلمة بل ليس إفادة الحصر وإفادة الحصر في مثل جاءني القوم بل زيد من جهة كون القوم اسم الجمع فإبطال مجيء القوم وهو اسم الجمع وإثبات المجيء لزيد يفيد الحصر لا من جهة كلمة بل فتدبّر.
ومنها إفادة الحصر من ناحية تعريف المسند إليه بلام الجنس مع حمل المسند الاخص عليه كقوله عزوجل الحمد لله.
قال في الكفاية والتحقيق أنّه لا يفيده إلّا فيما اقتضاه المقام لأنّ الأصل في اللام أن تكون لتعريف الجنس كما أنّ الأصل في الحمل في القضايا المتعارفة هو الحمل المتعارف الذي ملاكه مجرّد الاتّحاد في الوجود فإنّه الشائع فيها لا الحمل الذاتيّ الذي ملاكه الاتّحاد بحسب المفهوم كما لا يخفى وحمل شيء على جنس وماهيّة كذلك لا يقتضي اختصاص تلك الماهيّة به وحصرها عليه نعم لو قامت قرينة على أنّ اللام للاستغراق أو أنّ مدخوله أخذ بنحو الإرسال والإطلاق أو على أنّ الحمل كان ذاتيّا