وحينئذ ففي مقام الجمع يحتمل وجوه :
الأوّل : تقييد كلّ من العنوانين بالآخر فيقيّد المأكول بما إذا كان ثمرة والثمرة بما إذا كان مأكولا فالذي لا يجوز السجود عليه هو ما اجتمع فيه الأمران وما تخلف فيه أحدهما يجوز السجود عليه وإن تلبّس بالآخر.
الثاني : أن يجعل أحدهما أصلا والآخر معرّفا ومن باب المثال لأجله وهذا يتصور على وجهين : الأوّل أن يكون الأصل هو المأكول من النبات بحسب الغالب في الثمار.
وأمّا الاسفناج والخسّ والبقول فمن الأفراد النادرة والباذنجان والبطّيخ والخيار ونحوها والحبوبات كلّها داخلة في قسم الثمار والثاني أن يكون الأصل في المنع هو الثمرة وإنّما عبّر في الأخبار الأوّل بملاحظة أفراد الثمار غالبا في المأكول وندرة ما كان منها غير مأكول إلى أن قال ما حاصله حينئذ يمكن.
تخصيص الأوّل بالثاني بدعوى اختصاص الثمرة بما كان ممّا ينتفع به فائدة معتدّا بها فليس الشوك والحنظل من أفراد هذا العموم.
اللهمّ إلّا أن يتمسّك بالحكمة المذكورة في الأخبار لعدم جواز السجدة على المأكول والملبوس بأنّ أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون والساجد في سجوده في عبادة الله عزوجل فلا ينبغي أن يضع جبهته في سجوده على معبود أبناء الدنيا الذين اغترّوا بغرورها فإنّ مفادها أنّ كلّما كان مأكولا لا يجوز السجود عليه وإن لم يكن ثمرة كالخسّ والاسفناج والبقولات فهذا يوجب أن يكون المقصود من ذكر الثمرة التمثيل للمأكول بواسطة الغلبة فالعبرة في وجود الحكم بوجود الحكمة المذكورة وهي موجودة في مطلق المأكول وإن لم تصدق عليه الثمرة فالجملة المذكورة تعمّمه حتّى بالنسبة إلى غير الثمرة من المأكولات (١) ظاهره هنا هو الميل الى ذلك ولكن يظهر منه
__________________
(١) كتاب الصلاة لشيخنا الاستاذ الأراكي : ج ١ ص ٣٤٥ ـ ٣٤٧.