العدم في مسألة اشتراط مباشرة الجهة لما يصح السجود عليه فراجع (١) وكيف كان فقد ذهب إليه سيّدنا الأستاذ المحقّق الداماد قدسسره حيث قال : إنّ مقتضى كون شيء حكمة هو جواز أن يوجد الحكم وهي غير موجودة وأمّا إذا وجدت فلا إشكال في وجود الحكم ولو في غير موضوع الدليل كما في العلّة فافتراقهما في الجهة الأولى لا الثانية.
ولذا تعدّى الأستاذ المحقّق الداماد قدسسره عن تحريم النظر بشهوة إلى الأجانب إلى حرمة النظر بشهوة إلى المحارم بسبب عموم الحكمة لأنّ حكمة حرمة النظر بشهوة إلى الأجانب على ما في خبر محمّد بن سنان هي ما فيه من تهييج الرجال وما يدعو إليه التهييج من الفساد والدخول فيما لا يحلّ ولا يحمل (٢) ومن المعلوم أنّ هذه الحكمة لا تختص بالنظر بشهوة إلى الأجانب وعليه فمقتضى وجودها في النظر بشهوة إلى المحارم هو تحريم النظر الشهويّ إليهم أيضا لأنّها هي التي بعثت الشارع نحو تحريم النظر إلى الأجانب (٣).
فمع تعميم الملاك المنصوص لا وجه لتخصيص الحكم بالأخصّ بل يتعدّى عن مورده إلى ساير الموارد ولو لم يكن من أفراد الإنسان كما ذهب الأصحاب إلى عدم جواز النظر الشهويّ إلى الحيوان أيضا فلا تغفل.
لا يقال إنّ الحكمة المنصوصة تكون في قوّة المقتضى فإذا لم ينضمّ إليه عدم المانع لا يوجب شيئا فمورد الحكمة المنصوصة من الموارد التي يعلم انتفاء الموانع فيه لأنّ المتكلم في مقام توجيه الحكم الفعلي ومن المعلوم أنّ الحكم الفعلي لا يجتمع مع وجود المانع هذا بخلاف سائر الموارد لوجود احتمال الموانع فيها ومع احتمال الموانع فلا يجوز التعدّي عن مورد الحكمة إلى سائر الموارد.
لأنّا نقول إنّ توجيه الحكم المطلق بالحكمة المنصوصة لا يكون غالبا إلّا إذا
__________________
(١) نفس المصدر : ج ٢ ص ٢٦٩ ـ ٢٧١.
(٢) الوسائل : الباب ١٠٤ من مقدّمات النكاح : ح ١٢.
(٣) راجع تقريرات الصلاة لسيّدنا الأستاذ المحقّق الداماد قدسسره : ج ١ ص ٣٦٧.