كانت الحكمة من المقبولات العقلائيّة العامّة كالظلم والفساد أو من الضرورات الشرعيّة التي لا يرضى الشارع بإهمالها وهذه الضرورات والمقبولات لا يحتمل فيها وجود الموانع وإن لم تكن من الضرورات الشرعيّة والمقبولات العامّة.
نعم لو كانت الحكمة مختصّة بالمورد أو احتمل فيها بعض الموانع بالنسبة إلى ساير الموارد فلا توجب تعميم الحكم كما لا يخفى.
وممّا ذكر ينقدح حكم تلقيح مياه الرجال بفروج نساء أجنبيّات فإنّ الحكمة المذكورة للعدّة وهي عدم اختلال الأنساب توجب المنع عن ذلك كما يظهر ممّا ذكر أيضا حكم الحيل الربويّة.
حيث إنّ النكتة المذكورة في الأخبار لحكمة الربا هي ترك التجارات أو اصطناع المعروف والفساد وهما وإن ذكرا بعنوان الحكمة لا العلّة ولكنّهما يوجبان المنع عن الحيل الشرعيّة لوجودهما فيها.
هذا مضافا إلى أنّ الحكم بجواز الربا بالحيل الشرعيّة في جميع الموارد يوجب اللغويّة في جعل الحرمة فافهم كما أفاد سيّدنا الإمام المجاهد قدسسره حيث قال في ضمن كلام فتحريم الربا لنكتة الفساد والظلم وترك التجارات وتحليله بجميع أقسامه وأفراده مع تغيّر عنوان لا يوجب نقصا في ترتّب تلك المفاسد من قبيل التناقض في الجعل أو اللغويّة فيه (١).
وأيضا استدلّ بعض الأعلام لجواز إقامة الحدود للحاكم الجامع للشرائط في عصر الغيبة بأنّ إقامة الحدود إنّما شرّعت للمصلحة العامّة ودفعا للفساد وانتشار الفجور والطغيان بين الناس وهذا ينافي اختصاصه بزمان دون زمان وليس لحضور الإمام عليهالسلام دخل في ذلك قطعا فالحكمة المقتضية لتشريع الحدود تقضي بإقامتها في زمان الغيبة كما تقضي بها زمان الحضور (٢).
__________________
(١) كتاب البيع : ج ٢ ص ٤٠٩.
(٢) مباني تكملة المنهاج : ١ / ٢٢٤.