فتحصّل أنّ الحكم الشرعيّة المنصوصة الفعليّة التي لا يرضى الشارع بإهمالها لها سهم وافر في استنباط الأحكام الشرعيّة فعلينا النظر فيها وأن لا نرغب عنها بمجرّد كونها من الحكم لا العلل ؛ فافهم واغتنم.
تبصرة : وهي أنّ مفهوم الموافقة مستفاد من المنطوق لا انتفاء الموضوع لأنّ مفهوم الموافقة ما كان الحكم في المفهوم موافقا في السنخ للحكم المذكور في المنطوق.
ولا شبهة في حجّيّته لأنّه من الظهورات المنطوقيّة من دون فرق بين إن قلنا إنّ الكلام سبق لإفادة ذلك المفهوم بحيث لا يكون المذكور في الكلام مقصودا بالأصالة كقولنا في المدح عن شخص أنّه ممّن لا يمكن لنا أن نقرّ به وبين إن قلنا بأنّ المذكور ومفهوم الموافقة كلاهما مقصودان.
كمثل قوله تعالى : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ) الذي يدلّ على النهي عن التأفيف وما كان أشدّ منه ثمّ لا يخفى عليك أنّ مفهوم الموافقة ربما يسمّى بفحوى الخطاب أو بدلالة الأولويّة.
وكيف كان فمفهوم الموافقة ليس مندرجا في مبحث المفاهيم المصطلحة لأنّه من المفاهيم الإثباتيّة التي يدلّ عليها منطوق الكلام ولا يستفاد من انتفاء الموضوع أو الشرط أو الوصف أو غير ذلك والمفاهيم المصطلحة المبحوث عنها في المقام هي التي تستفاد من انتفاء الأمور المذكورة كما عرفت في مثل قولهم إن جاءك زيد فأكرمه فإنّه يدلّ على وجوب الإكرام عند مجيء زيد وتحقّق الشرط وعدم وجوب إكرامه عند عدم وجود الشرط وهو عدم مجيئه وهذا هو المفهوم ومن المعلوم أنّه متفرّع على عدم الشرط كما لا يخفى.