العقاب على عصيانه عقلا ، كما من شأنه الثواب على امتثاله ؛ فالتفكيك بين الملزوم ولازمه أو بين لازمين بيّنين لملزوم واحد لا يصدر من أحطّ أهل العلم درجة ، فكيف بهؤلاء الأعلام القائلين به!
ولو كان على يقين ممّا نقله عن سيّده الاستاذ لكان هو الثقة الصدوق الذي لا يرتاب أحد في صحّة نقله ، وأمّا إذا كان على شكّ منه ـ ونحن قاطعون ببراءة عالم مثله عن مثله ـ بل لا بدّ للقائل بالترتّب من الالتزام بعقوبات متعدّدة إذا ترتّبت أوامر كذلك ، وما ذكر من قبح العقاب على ما لا يقدر. انتهى.
أورد عليه سيّدنا الاستاذ المحقّق الداماد قدسسره بأنّا لا نستوحش من أن يكون مخالفة الأمرين المترتّبين موجبة لشدّة العقاب أو طول مدّته ، إذ فرق واضح بين من أتى بالمهمّ ولم يأت بالأهمّ وبين من لم يأت بشيء منهما ، لأنّ الثاني فوّت الغرضين من المولى ، بخلاف الأوّل فإنّه لم يفوّت إلّا أحد الغرضين ؛ وتعدّد العقاب بهذا المعنى أمر متصوّر يقتضيه الفرق المذكور. وأمّا بمعنى الآخر فليس له وجه ، إذ العذاب الاخرويّ لا يقاس بضرب الأسواط في عالمنا حتّى يقال إنّ من عصى الأمرين يضرب عليه سوطين ، بل يعذّب هناك بعذاب شديد أو أطول ، انتهى.
قال في الوقاية : إنّ القدرة حاصلة على كلّ من الضدّين وإلّا لامتنع أصل التكليف. وقد فرغنا عن إثبات إمكانه وكلام صاحب الكفاية على فرض تسليم الإمكان ، أمّا القدرة على الأهمّ فحاصلة بالفرض ، وأمّا على المهمّ فهي أيضا حاصلة على تقدير ترك الأهمّ ، وهي كافية لتصحيح العقوبة ، كما كانت كافية لأصل التكليف. ولا دليل على لزوم القدرة أزيد من ذلك ـ إلى أن قال ـ : والسرّ فيه أنّ المناط في صحّة التكليف والعقاب على العصيان ليس القدرة على المجموع ، بل على الجميع ؛ وهي