الواجد كي يكون موضوعا للوجوب ، ومن الواضح أنّ صدق عنوان الواجد وغير الواجد في زمان واحد غير معقول ، انتهى.
هذا بخلاف موارد الترتّب ، فإنّ الأمر في ناحية المهمّ موجود وإنّما يرفع اليد عن إطلاقه للمزاحمة ، وهي فيما إذا كان الأمر في ناحية الأهمّ مؤثّرا فلا يرتفع إطلاق الأمر في ناحية المهمّ بمجرّد الأمر في ناحية الأهمّ ، بل هو منوط بتأثير الأمر في ناحية الأهمّ ، فلا تغفل.
التنبيه الرابع : أنّه ربّما يقال إنّ الترتّب إنّما يجري فيما إذا كان الضدّان ممّا لهما الثالث كالصلاة والإزالة وكإنقاذ الغريقين ، وأمّا إذا كان الضدّان ممّا لا ثالث لهما كالحركة والسكون ، فلا يتأتّى بينهما الترتّب ، إذ ترك أحدهما أو عصيانه لا يتحقّق بدون فعل الآخر ، ومعه لا معنى لتعلّق الأمر بالآخر بشرط ترك ضدّه أو عصيانه ، فإنّ الآخر حاصل ، فيكون طلبه من قبيل طلب الحاصل.
وهذا لا شبهة فيه في نفسه ، ولكنّ الكلام في صغرى هذه الكبرى ، وقد حكي عن كاشف الغطاء رحمهالله تعالى أنّ مسألة الإخفات في موضع الجهر وبالعكس من موارد الترتّب. وأشكل عليه المحقّق النائيني قدسسره بأنّ تلك المسألة ليست من مصاديق الترتّب ، لأنّ الجهر والإخفات من الضدّين اللذين لا ثالث لهما ، إذ القارئ لا يخلو عن أحدهما. وقد ثبت أنّ الترتّب لا يجري في الواجبين اللذين لا ثالث لهما لامتناعه.
اورد عليه في المحاضرات بأنّ متعلّق الأمر ليس هو الجهر أو الإخفات بحيث يفرض في موضوع الأمرين هو القراءة كي لا يتخلّف القارئ عن أحدهما ، بل متعلّق الأمر هو القراءة الجهرية أو القراءة الإخفائية ، ومن الواضح أنّهما ليسا من الضدّين الذين لا ثالث لهما ، إذا المكلّف قادر على تركهما معا بترك أصل القراءة.
اجيب عنه بأنّه خلاف الفرض ؛ لأنّ وجوب القراءة في الصلاة معلوم وليس مشروطا بشرط ، وإنّما الكلام في الجهر بها والإخفات كذلك ، وبعبارة اخرى القراءة