المفروضة الوجود لقوله عليهالسلام : «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب ، تعلّق الأمر بالجهر أو الإخفات فيها ، ومعلوم أنّ عدم أحد الضدّين اللذين لا ثالث لهما في القراءة ملازم لوجود الآخر أو عينه (١).
وذهب السيّد الشهيد الصدر قدسسره ـ خلافا لكاشف الغطاء ومن جعل مسألة الجهر والإخفات من باب الترتّب ـ إلى أنّ الترتّب لا يعقل بين الأمرين الضمنيّين ، سواء جعلا عبارة عن الأمر بالجهر والأمر بالإخفات أو الأمر بالقراءة الجهريّة والقراءة الاخفاتيّة ، وإنّما المعقول هو الترتّب بين الأمر بالصلاة الجهريّة والأمر بالصلاة الإخفاتيّة ، وهما ـ كما سيأتي ـ لا تضادّ بينهما أصلا ، لإمكان إيقاعهما معا في الخارج ؛ فليس هذا التطبيق من باب الترتّب. ثمّ قال فى تبين عدم معقوليّة الترتّب بين الأمرين الضمنيّين.
والوجه في ذلك أنّ افتراض الترتّب بين الأمرين الضمنيّين في خطاب واحد : يستلزم أخذ ترك الجزءين كالجهر مثلا شرطا للأمر الضمنيّ بالإخفات.
فإن أخذ شرطا في موضوع الأمر الضمنيّ خاصّة فهو غير معقول ، لأنّ مقتضى ضمنيّته. أنّ هناك أمرا واحدا بالمجموع ، فلا بدّ وأن يكون الشرط مأخوذا في ذلك الأمر الواحد الاستقلاليّ ، وإن أخذ شرطا في موضوع الأمر الاستقلاليّ بالمركّب بنحو شرط الوجوب ، لزم منه أخذ ترك الجهر مثلا في الخطاب الواحد الذي من ضمنه الأمر بالجهر وهو مستحيل.
وإن أخذ شرطا في متعلّق الأمر بالإخفات ـ بنحو شرط الواجب ـ لزم فعليّة كلا الأمرين الضمنيّين أي الأمر بالجهر وبالإخفات المقيّد بعدم الجهر ، وهو طلب الجمع بين الضدّين المحال. وأضاف أيضا : إنّ الشرط لو كان هو عدم الجهر الأعمّ من
__________________
(١) منتهى الاصول : ج ١ ص ٣٥٥.