السالبة بانتفاء المحمول بأن يقرأ ولا يجهر أو السالبة بانتفاء الموضوع بأن لا يقرأ أصلا فالأمر بالقراءة الإخفاتية يكون معقولا ، وأمّا إذا كان الشرط هو عدم الجهر في القراءة ، أي بنحو السالبة بانتفاء المحمول خاصّة فالأمر بالإخفات لا يكون معقولا حينئذ. وقد لاحظ كلّ من المحقّق النائيني والسيّد الاستاذ إحدى هاتين الفرضيّتين دون الاخرى فتخالفا في إمكان الأمر بالقراءة الإخفاتيّة وعدمه (١).
ولقائل أن يقول : إنّ اللوازم المذكورة في ترتّب الأمرين الضمنيّين ناشئة من فرض كون الخطاب واحدا ، وأمّا إذا قلنا بأنّ الترتّب في مثل الجهر والإخفات أو القراءة الجهريّة والقراءة الإخفاتيّة يمكن فرضه بالخطاب المتعدّد بأن أمر الشارع بمركّب يكون من جملته الجهر بالقراءة ، ثمّ امر بالإخفات على حدة عند ترك الجهر بالقراءة أو عصيانه ، فلا يلزم من ذلك المحاذير المذكورة ، كما أنّ ظاهر الأخبار الواردة هو تعدّد الخطاب ، منها صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليهالسلام في رجل جهر فيما لا ينبغي الإجهار فيه وأخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه. فقال : «أي ذلك فعل متعمّدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة ، فإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري ، فلا شيء عليه وقد تمّت صلاته (٢)». إذ مثل هذه الرواية الناظرة إلى من أجهر مكان الإخفات أو أخفت مكان الإجهار ، يدلّ على خطاب آخر غير الخطاب الأوّل ، فلا مانع من أن يجعل بنحو الترتّب بالنسبة إلى الأوامر الضمنيّة من دون لزوم المحاذير المذكورة ، ولا وجه لفرض الترتّب بين الصلاة الجهريّة والصلاة الإخفاتيّة مع أنّ وجوب أصل الصلاة ووجوب أصل القراءة معلومان وليسا مشروطين بشرط ولا كلام فيهما ، وإنّما الكلام في الجهر والإخفات فيها. هذا مضافا إلى أنّ تخصيص الترتّب بموارد التضادّ لا وجه له كما مرّ
__________________
(١) بحوث في علم الاصول : ج ٢ ص ٣٦٨.
(٢) الوسائل : ج ٤ ص ٧٦٦ ، الباب ٢٦ من أبواب القراءة في الصلاة.