مرارا.
والتحقيق هو أن يقال : إنّ موضوع الأمر الترتّبي ليس هو العصيان الخارجيّ أو الترك الخارجيّ حتّى يلزم منهما وجود الضدّ الآخر ، ولا مجال لطلبه لكونه تحصيلا للأمر الحاصل ، بل هو العزم على العصيان والبناء عليه وحالة العصيان ؛ ومن المعلوم أنّه في صورة العزم والبناء وحالة العصيان لا يتحقّق الضدّ الآخر ومعه مجال لطلبه ، كما لا يخفى ، فلا يرد على كاشف الغطاء إشكال من جهة جعل مسألة الجهر والإخفات من باب الترتّب ، لأنّ الترتّب يجيء بهذه الملاحظة في الضدّين اللذين لا ثالث لهما أيضا ، بل عرفت سابقا عدم اختصاص الترتّب بالضدّين. وعليه ، فالكبرى المذكورة مخدوشة ، وإن ذهب الأعلام إلى صحّتها ، فلا تغفل.
فتحصّل أنّه من الممكن جعل مسألة الجهر والإخفات من باب الترتّب ، سواء فرض ذلك بين الأمرين الضمنيّين أو بين الأمرين المستقلّين فلا تغفل.
وربّما يشكل جعل مسألة الجهر والإخفات من باب الترتّب من جهة اخرى وهي أنّ الأمر يصير فعليّا ومنجّزا بإحراز موضوعه. وعليه ، فإذا كان موضوعه ممّا لا يقبل الإحراز بأن كان إحرازه مساوقا لانعدامه كالناسي والساهي فلا يعقل ترتّب الحكم عليه ، لأنّه يلزم من وجوده عدمه ، فلا يمكن فعليّة مثل هذا الأمر ، وهو ليس قابلا للداعويّة ، وبدون الإحراز لا موضوع.
وما نحن فيه من هذا القبيل ، لأنّ موضوع الأمر الترتّبي هو عصيان الأمر الآخر بالإجهار ، والعلم بعصيان الأمر بالإجهار مساوق لارتفاع الجهل ومعرفة لزوم الجهر عليه ، فلا يتحقّق منه العصيان ، فيمتنع تعليق الحكم على العصيان في الفرض لاستلزام ذلك عدمه ، وبدون العلم بالتكليف لا عصيان.
واجيب عنه بأنّ ذلك يلزم لو كان المأخوذ في الأمر الآخر هو العصيان ، أمّا إذا كان المأخوذ هو العزم على الترك أو البناء عليه ، فلا يلزم منه ذلك ، لجواز اجتماع العزم