والبناء على الترك مع الجهل بوجوبه ، فيكون الحكم فعليّا.
هذا مضافا إلى إمكان اجتماع الجهل مع العصيان ، لأنّ الجاهل المقصّر في حكم العامد ، بمعنى أنّ التكليف يتنجّز عليه ، ولذلك يعاقب على فعل المحرّمات وترك الواجبات ولو كان جاهلا ، إذا كان جهله عن تقصير ، وإذا كان التكليف متنجّزا عليه حتّى في حال جهله. وعليه ، فيكون ترك الواجبات عصيانا لأنّه لا نعني من العصيان إلّا مخالفة التكليف المتنجّز ، فلا منافاة بين صدق العصيان مع الجهل بالتكليف ؛ فلا يلزم من جعل العصيان موضوعا نفي الآخر لصدق العاصي عليه مع جهله التقصيريّ ولا يعلم بعصيانه ـ كما هو المفروض ـ حتّى يرتفع الموضوع للحكم الآخر ، بل هو في عين جهله يكون عاصيا ويشمله الدليل المعلّق على العاصي بحسب الواقع.
لا يقال إنّ التكليف المجهول لا يمكن أن يكون متنجّزا مع كونه مجهولا ، لأنّا نقول إنّ مع الجهل التقصيريّ يصدق الوصول النوعي ، إذ لا يلزم في الوصول تحقّق العلم الشخصيّ ، بل يصدق مع الإمكان العاديّ للرجوع والعلم به ، وهو حاصل.
وممّا ذكر يظهر ما في كلام الشهيد الصدر ، حيث قال إنّ نكتة الإشكال باقية على حالها ، لأنّ المكلّف إنّما يمكنه أن يحرز ذوات أجزاء موضوع الأمر الترتّبي دون أن يعلم بموضوعيّته ، ووصول الحكم لا بدّ فيه من إحراز الموضوع بما هو موضوع.
والوجه في عدم إمكان إحراز المكلّف في المقام موضوعيّة تركه للقصر للأمر الترتّبي هو أنّ المكلّف بحسب الفرض معتقد وجوب التمام عليه بخطاب أوّلي ، ومعه لا يعقل أن يحرز كونه موضوعا لوجوب التمام بخطاب ثانويّ ترتّبي ، إذ إحرازه لذلك إن كان بأن يحرز كون اعتقاده بوجوب التمام موضوعا لنفس ذلك الوجوب كان فيه محذور أخذ العلم بالحكم في موضوع ذلك الحكم الذي هو محذور شبه الدور ، وإن كان بأن يحرز كونه موضوعا لوجوب تمام آخر كان من اجتماع المثلين في نظره. وعليه ، فالمكلّف المسافر في المقام دائما يكون إتيانه بالتمام بتحريك أمر تخيّلي بالتمام يعتقده