كخطاب أوّلي على المكلّفين جميعا في الحضر والسفر ، وأمّا وجوب التمام. الترتّبي المخصوص بالمسافر الجاهل بوجوب القصر فلا يعقل وصوله إليه ومحركيّته له نحو التمام انتهى موضع الحاجة (١).
لما عرفت من أنّ الوصول المعتبر في تنجيز الخطاب هو الوصول النوعيّ ، وهو متحقّق مع التقصير ، ومعه فالخطاب بالتمام لمن قصّر في تحصيل العلم بأنّ المسافر يقصر صلاته فعليّ ومحرّك له لأنّه عالم في عين جهله ، فما تخيّله مصادف للواقع وإن جهل بموضوعه ، بل لعلّه من باب الخطأ في التطبيق.
وأمّا ما ذهب إليه للتفصّي من الإشكال المذكور من أنّ أصل هذا الإشكال إنّما جاء بتصوّر أنّ الأمر بالتمام في حقّ الجاهل بالقصر بنحو الترتّب أمر آخر غير الأمر الأوّلي بالتمام ، وهذا لا موجب له ، بل هو إطلاق في نفس الجعل الأوّلي الذي يجعل في حقّ كلّ من لم يأت بالقصر نتيجة عدم علمه بوجوب القصر عليه ، سواء كان عدم العلم لعدم الوجوب أو للجهل ، وهذا الخطاب يمكن أن يحرزه المكلّف في كلّ حال (٢).
ففيه ما لا يخفى ؛ فإنّ الخطاب الأوّلي بعد تنويعه إلى المسافر والحاضر لا يشمل المسافر ، والمفروض أنّ الجاهل بالقصر مسافر ، ومعه فلا إطلاق للجعل الأوّلي في الواقع بالنسبة إلى الجاهل المقصّر.
نعم ، الجاهل يتخيّل إطلاقه ولا إطلاق له ، ولكن يشمله الأمر الترتّبي بالتقريب الذي ذكرناه.
هذا مضافا إلى أنّه مع الجهل التقصيريّ والوصول النوعيّ لا يصدق عدم العلم بوجوب القصر ، فلا تغفل.
__________________
(١) نفس المصدر.
(٢) بحوث في علم الاصول : ج ٢ ص ٣٧٠.