أهمّيّة ملاك خطابه ، وحكم العقل مستقلّا أو من باب متمّم الجعل بحفظ القدرة للواجب المتأخّر الأهمّ ، وذلك بأن تكون فعليّة الأمر بالمهمّ في الحال مشروطة بعدم تأثير خطاب الأهمّ المتأخّر زمانا ، كاشتراط فعليّة الأمر بالمهمّ في الحال بعدم تأثير خطاب الأهمّ المقارن المزاحم حرفا بحرف ، والقول بأنّ ذلك مستلزم للالتزام بالشرط المتأخّر الممتنع ، لأنّ عصيانه متأخّر عن فعليّة المهمّ المفروض وهو محال ، غير سديد ، بعد ما عرفت من أنّ العصيان لا تأثير له في فعليّة الخطاب المهمّ ، لأنّ فعليّته تكون بمبادئه المخصوصة به ، وإنّما بالعصيان يرفع المزاحم عن تأثير المقتضي في طرف المهمّ ولا دخل للعصيان في الفعليّة.
وهكذا لا وجه لما يقال من أنّ لازم ذلك هو طلب الجمع بين الضدّين ، لأنّ الذي يزاحم خطاب المهمّ هو خطاب احفظ قدرتك المتولّد من أهمّيّة ملاك الخطاب الثاني عقلا أو المتمّم له شرعا ، والاشتراط بعصيان الخطاب الثاني الأهمّ لا يرفع هذا الخطاب ، أي خطاب احفظ قدرتك ، فالتزاحم وطلب الجمع بين الضدّين لا يرتفع بهذا الاشتراط ، مع أنّ ارتفاع هذين بالاشتراط هو المصحّح للترتّب والمخرج له من المحاليّة إلى الإمكان (١).
وذلك لأنّ خطاب : احفظ القدرة للثاني الأهمّ ناش عن ملاك الثاني وليس هو خطاب مستقلّ في نفسه. وعليه ، فإذا كان ملاك الثاني الموجب للخطاب الثاني غير مؤثّر في المخاطب بالنسبة إلى خطاب ذي المقدّمة ، كان كذلك بالنسبة إلى خطاب احفظ القدرة للثاني للملازمة بين العصيانين ، وعدم التفكيك فيهما إذا كان المفروض عدم استقلال خطاب احفظ القدرة للثاني من جهة الملاك.
فإذا كان خطاب الثاني غير مؤثّر في المخاطب كان خطاب احفظ القدرة أيضا
__________________
(١) منتهى الاصول : ص ٣٦٢.