كذلك ، فلا يلزم الجمع بين الضدّين من فعليّة خطاب المهمّ ، فإنّه فعليّ في فرض عدم تأثير خطاب الأهمّ وخطاب احفظ القدرة بتبع عدم تأثير خطاب الأهمّ.
ولا حاجة في مجيء الترتّب في المقام أن يجعل فعليّة خطاب المهمّ مشروطة بعصيان خطاب احفظ قدرتك الذي هو خطاب عقليّ أو شرعيّ حتّى يقال إنّ ذلك يلزم المحذور ، وهو إمّا طلب الحاصل أو طلب الممتنع أو كليهما ، لأنّ عصيان حفظ القدرة لا يمكن إلّا بصرفها في شيء ؛ وذلك الشيء إن كان إيجاد المهمّ فيلزم طلب الحاصل ، وإن كان إيجاد شيء آخر غير المهمّ فيلزم طلب الممتنع ، لأنّ المفروض أنّ قدرته كانت بذلك المقدار الذي صرفها في ذلك الشيء ؛ فيرجع الاشتراط في الفرض الأوّل إلى طلب الشيء بشرط وجوده ، وفي الفرض الثاني إلى طلب الشيء بشرط العجز عن إتيانه ؛ وإن كان المراد من عصيان حفظ القدرة صرفها في أيّ شيء كان ، سواء كان هو المهمّ المفروض أو فعل وجوديّ آخر ، فيلزم كلا المحذورين ، لأنّ هذا المطلق والجامع إمّا ينطبق على نفس المهمّ فيلزم الأوّل ، أي طلب الحاصل ، وإمّا ينطبق على شيء آخر غير المهمّ فيلزم الثاني أي طلب الممتنع (١).
وذلك لما عرفت من أنّ الترتّب متصوّر بين فعليّة خطاب المهمّ وعصيان الأهمّ ، وملازمة عصيان الأهمّ مع عصيان خطاب احفظ القدرة. هذا مضافا إلى أنّ خطاب احفظ القدرة مقارن مع خطاب المهمّ. وعليه ، فجعل عصيانه شرطا في فعليّة خطاب المهمّ يلزم خروجه عن المقام من المتزاحمين الطوليّين ، على أنّ اللوازم المذكورة من تحصيل الحاصل أو طلب الممتنع وغيرهما ناشئة من جعل الشرط هو العصيان الخارجيّ ، وأمّا إذا كان هو حالة العصيان والعزم والبناء على عدم الإتيان والاحتفاظ ، فلا يلزم الامور المذكورة من اشتراط فعليّة خطاب المهمّ بعدم تأثير
__________________
(١) منتهى الاصول : ج ١ ص ٣٦٢ ـ ٣٦٣.