علمه بأنّ جعل وجوب الدينار عليه على تقدير كذبه موجب لعدم صدور الكذب منه ، فيكون غرضه من جعله ذلك ، ومن المعلوم أنّه لا مانع من مثل هذا الجعل أصلا ، بل هو ممّا تقتضيه المصلحة العامّة كما في القضايا الحقيقيّة والمصلحة الخاصّة كما في القضايا الخارجيّة ، ضرورة أنّ الغرض من جعل هذه الامور هو عدم تحقّق موضوعها في الخارج ، فإذا فرض أنّ المولى علم بأنّ جعلها يوجب عدم تحقّق موضوعها فيه مطلقا فهو أولى بالجعل ممّا لم يعلم المولى أنّه يوجبه.
وقائلا بأنّه على الثاني لغو محض ، فلا يصدر من المولى الحكيم ، مثل أن يأمر بالحجّ على تقدير الاستطاعة في الخارج بنحو القضيّة الخارجيّة أو القضيّة الكلّيّة مع ـ العلم فرضا ـ بعدم تحقّقها له أصلا ، فإنّه لا شبهة في أنّ جعل مثل هذا الحكم لغو صرف ، فلا يترتّب عليه أيّ أثر شرعيّ ، ومعه لا يصدر عن الحكيم ، كما في المحاضرات : ج ٤ ص ٧. لأنّ كلا الأمرين واضح ولا مجال للنزاع فيهما ، هذا مضافا إلى أنّ العلم بانتفاء الشرط في الأوّل معلول للأمر ومتأخّر عنه ، وهو أجنبيّ عن المقام ، إذ الشرط في المقام متقدّم على الأمر وليس بمتأخّر ، فتأمّل.
وممّا ذكر يظهر أنّه لا مجال لتصحيح وجوب الكفّارة على من أفطر في نهار شهر رمضان مع عدم تماميّة شرائط الوجوب له إلى الليل ، من ناحية جواز الأمر مع عدم الأمر بانتفاء شرط التكليف أو المأمور به وجعل ذلك ثمرة للمسألة. لما عرفت من عدم إمكان الأوّل ـ أعني العلم ـ بانتفاء شرط التكليف وقبح الثاني فإنّه تكليف بالمحال ، فاللازم في تصحيحه هو الرجوع إلى وجوه اخرى كالقول بإطلاق الروايات الدالّة على وجوب الكفّارة ، فإنّها تدلّ على وجوب الكفّارة على الإفطار العمديّ في نهار شهر رمضان بلا عذر مسوغ له ، سواء طرأ عليه مانع من الصوم بعد ذلك أم لم يطرأ ، كما ذهب إليه في المحاضرات : ج ٤ ص ١٠.
فلا ثمرة فقهيّة لمسألة جواز أمر الأمر مع علمه بانتفاء الشرط.