وعلى الثاني ، أعني كون الشرط شرطا للمأمور به ، لا نزاع بيننا ، فإنّ المأمور به مع انتفاء شرطه غير مقدور فلا يجوز التكليف به ، فإنّه تكليف بالمحال وهو قبيح ، فلا يصدر عن الحكيم. ولكنّ الأشاعرة الذين ينكرون الحسن والقبح العقليّين يقولون بجوازه ، ففي هذه الصورة أيضا يكون النزاع بيننا وبين العامّة ، إلّا أنّ هذا البحث من تتمّة البحث في الحسن والقبح العقليّين.
فتحصّل أنّ المسألة لا خلاف فيها عندنا مطلقا ، سواء كان الشرط شرطا للأمر والجعل أو شرطا للمأمور به ، وإنّما الخلاف فيها بيننا وبين العامّة من جهة الاختلاف في المباني ، كما عرفت.
وأمّا التفصيل بين القضيّة الخارجيّة والشخصيّة وبين الأوامر الكلّيّة والقانونيّة والقول بامتناع توجّه البعث في الأوّل لغرض الانبعاث إلى من علم الأمر فقدان شرط التكليف فيه أو شرط المأمور به فيه وعدم امتناع البعث في الثاني لأنّه تشريع واحد متوجّه إلى عنوان منطبق على المكلّفين.
وغرض هذا التشريع القانونيّ يلحظ بالنسبة إلى العنوان المذكور لا إلى كلّ واحد مستقلّا ، كما في مناهج الوصول : ج ٢ ص ٦٠.
ففيه أنّه لا كلام فيه حتّى يبحث عنه لوضوح الأمر فيهما ، إذ الأوّل يؤول إلى تحقّق المعلول من دون علّة فيما إذا لم يوجد شرط التكليف ، ويؤول إلى التكليف بالمحال فيما إذا لم يكن شرط المأمور به ، والثاني لا مانع منه ، لأنّ العنوان الكلّيّ مورد التكليف ، والشرط فيه موجود ولو بوجوده في بعض أفراده.
وأيضا لا مجال للتفصيل بين ما إذا كان انتفاء الشرط مستندا إلى نفس جعل الحكم وكان هو الموجب له وبين ما إذا كان مستندا إلى عدم قدرة المكلّف أو إلى جهة اخرى ، قائلا بأنّه على الأوّل لا مانع من جعله أصلا إذا كان الغرض منه عدم تحقّق الشرط والموضوع في الخارج ، من دون فرق بين أن يكون الجعل على نحو القضيّة الحقيقيّة أو الخارجيّة ، كما إذا قال المولى لعبده : إن كذبت ـ مثلا ـ فعليك دينار ، مع